الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                      معلومات الكتاب

                                                                                                                      كشاف القناع عن متن الإقناع

                                                                                                                      البهوتي - منصور بن يونس البهوتي

                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                      ( ويصح ) البيع ( بصفة ) تضبط ما يصح السلم فيه ; لأنها تقوم مقام الرؤية في تمييزه ( وهو ) أي : البيع بالصفة ( نوعان : أحدهما بيع عين معينة ، سواء كانت العين المعينة غائبة مثل أن يقول : بعتك عبدي التركي ويذكر صفاته ) التي تضبط وتأتي في السلم ( أو ) كانت العين المبيعة بالصفة ( حاضرة مستورة ، كجارية منتقبة ، وأمتعة في ظروفها ، أو نحو ذلك فهذا ) النوع ( ينفسخ العقد عليه برده على البائع ) بنحو عيب أو نقص صفة وليس للمشتري طلب بدله لوقوع العقد على عينه كحاضر ، فإن شرط ذلك في عقد البيع بأن قال : إن فاتك شيء من هذه الصفات ، أعطيتك ما هذه صفاته ، لم يصح العقد قاله في المستوعب .

                                                                                                                      ( و ) ينفسخ العقد عليه أيضا ب ( تلفه قبل قبضه ) لزوال محل العقد ( و ) هذا النوع ( يجوز التفريق ) من متبايعيه ( قبل قبض الثمن ، [ ص: 164 ] وقبل قبض المبيع كحاضر ) بالمجلس ( ويجوز تقديم الوصف في بيع الأعيان على العقد كما يجوز تقديم الرؤية ذكره القاضي محل وفاق وكذلك لا يجوز تقديم الوصف ) للمعقود عليه ( في السلم على العقد ولا فرق بينهما ) أي بين تقديم الوصف في بيع الأعيان على العقد ، وتقديمه في السلم على العقد .

                                                                                                                      وكذا تقديم الوصف في بيع ما في الذمة ( فلو قال ) لآخر ( : أريد أن أسلفك في كر حنطة ووصفه بالصفات فلما كان بعد ذلك ) ولو طال الزمن .

                                                                                                                      ( قال قد أسلفتك في كر حنطة على الصفات التي تقدم ذكرها وعجل الثمن ) قبل التفريق ( جاز ) وصح العقد للعلم بالمعقود عليه ، والكر بضم الكاف كيل معروف بالعراق وهو ستون قفيزا وأربعون إردبا قاله في القاموس .

                                                                                                                      ( و ) النوع ( الثاني ) من نوعي البيع بالصفة ( بيع موصوف غير معين ، ويصفه بصفة تكفي في السلم إن صح السلم فيه ) بأن انضبطت صفاته ( مثل أن يقول : بعتك عبدا تركيا ثم يستقصي صفات السلم فيه فهذا في معنى السلم ) وليس سلما لحلوله ( فمتى سلم البائع إليه عبدا على غير ما وصفه له فرده ) المشتري عليه ( أو ) سلم إليه عبدا على ما وصف له ، ( فأبدله ) المشتري لنحو عيب ( لم يفسد العقد ) برده ; لأن العقد لم يقع على عينه بخلاف النوع الأول ( ويشترط في هذا النوع قبض المبيع ، أو قبض ثمنه في مجلس العقد ) ; لأنه في معنى السلم .

                                                                                                                      ويشترط أيضا أن لا يكون بلفظ سلم أو سلف ; لأنه لا يكون إذن سلما ولا يصح حالا ولم يذكره المصنف ; لأنه اقتصر فيما تقدم على قول التلخيص : أن البيع لا ينعقد بلفظ السلم والسلف .

                                                                                                                      ( و ) يحصل العلم بمعرفة المبيع ( برؤية متقدمة ) على العقد ( بزمن لا يتغير فيه المبيع يقينا ، أو ) لا يتغير فيه ( ظاهرا ) ; لأن شرط الصحة العلم وقد حصل بطريقه وهي الرؤية المتقدمة والمبيع منه ما يسرع فساده كالفاكهة وما يتوسط كالحيوان وما يتباعد كالعقارات فيعتبر كل نوع بحسبه ولو ( مع غيبة المبيع ، ولو في مكان بعيد لا يقدر ) البائع ( على تسليمه في الحال ، لكن يقدر على استحضاره غير آبق ونحوه ) كشارد فلا يصح بيعه لما تقدم ( ثم إن وجده ) أي : وجد المشتري ما تقدمت رؤيته ( لم يتغير فلا خيار له ) لسلامة المبيع .

                                                                                                                      ( وإن وجده متغيرا فله الفسخ على التراخي ) كخيار العيب وكذا لو وجد بالصفة ناقصا صفة ( ويسمى ) هذا الخيار ( خيار الخلف في الصفة ) من إضافة الشيء إلى سبيله ( إلا أن يوجد منه ) أي : من المشتري ( ما يدل على الرضا ) بالمبيع ( من سوم [ ص: 165 ] ونحوه ) فيسقط خياره لذلك .

                                                                                                                      و ( لا ) يسقط خياره ( بركوب الدابة المبيعة ) في طريق الرد ( إلى البائع ) ; لأنه لا يدل على الرضا بالتغير ( ومتى أبطل ) المشتري ( حقه ) من رده ، ( فلا أرش له ) أي للمشتري في الأصح قاله في الفروع فيخير بين الرد والإمساك مجانا لئلا يعتاض عن صفة كالسلم وهذا بخلاف البيع بشرط صفة فإن له أرش فقدها ، كما يأتي في الشروط في البيع .

                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                      الخدمات العلمية