الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
. رجل أحب أن يشتري دارا بعشرين ألف درهم فإن أخذها الشفيع أخذها بعشرين ألف ، ولو استحق الدار لم يرجع على البائع إلا بعشرة آلاف قال يشتريها بعشرين ألف درهم وينقده تسعة آلاف [ ص: 240 ] وتسعين درهما ودينارا ، فإنما بقي من الثمن فإن رغب فيها الشفيع أخذها بعشرين ألف ، وإن استحقت يرجع على البائع بما دفع إليه ; لأنها لما استحقت بطل عقد الصرف لوجود الافتراق قبل قبض أحد البدلين ، ولا يرجع إلا بما أدى وقبل الاستحقاق الصرف صحيح فلا يأخذ الشفيع الدار إلا بعشرين ألف ، ولو أعطاه بالباقي مكان الدينار ثوبا أو متاعا رجع عند الاستحقاق بعشرين ألف ; لأن استحقاق الدار لا يبطل البيع في الثوب والمتاع فيكون قابضا منه عشرين ألف فيلزمه رد ذلك عند استحقاق الدار فأما عقد الصرف يبطل باستحقاق الدار فلا يلزمه إلا رد المقبوض ، فلو لم يستحق ووجد بالدار عيبا ردها بعشرين ألف في جميع ذلك ; لأنه بالرد بالعيب لا يتبين أن الثمن لم يكن واجبا قبل القبض ، وقد بينا في كتاب الشفعة وجوه الحيل لإبطال الشفعة أو لتقليل رغبة الشفيع في الأخذ ، وذلك لا بأس به قبل وجوب الشفعة عند أبي يوسف رحمه الله ، وعند محمد رحمه الله هو مكروه أشد الكراهة ; لأن الشفعة مشروعة لدفع الضرر عن الشفيع فالذي يحتال لإسقاطها بمنزلة القاصد إلى الإضرار بالغير ، وذلك مكروه وأبو يوسف رحمه الله يقول : إنه يمتنع من التزام هذا الحق مخافة أن لا يمكنه الخروج منه إذا التزمه ، وذلك لا يكون مكروها كمن امتنع من جميع المال كيف يلزمه نفقة الأقارب والحج ؟ فهذا دفع الضرر عن نفسه لا الإضرار بالغير ; لأن في الحجر عليه عن التصرف أو تملك الدار عليه بغير رضاه إضرار به ، وهو إنما قصد دفع هذا الضرر وعلى هذا الخلاف الحيلة لمنع وجوب الزكاة واستدل أبو يوسف رحمه الله على ذلك في الأمالي قال : أرأيت لو كان لرجل مائتا درهم فلما كان قبل الحول بيوم تصدق بدرهم منها كان هذا مكروها ، وإنما تصدق بالدرهم حتى يتم الحول وليس في ملكه نصاب فلا يلزمه الزكاة ، ولا أحد يقول بأن هذا يكون مكروها أو يكون هو فيه آثما

التالي السابق


الخدمات العلمية