الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
، ومن أهل [ ص: 180 ] الشروط رحمهم الله من استحسن أيضا أن يكتب وذلك البناء قائم يستحق من ذلك ; لأن المشتري قد يبني ثم ينهدم البناء قبل الاستحقاق فعند الاستحقاق لا يرجع بقيمة ما انهدم من البناء الذي أحدثه فيكتب ، وذلك البناء قائم فيما يستحق من ذلك ، ولا يقول : في هذه الدار ; لأنه قد يستحق نصف الدار ، فإنما يكون رجوعه بقيمة نصف البناء عند ذلك ، وإن كان على قول مالك : العقد يبطل كله باستحقاق النصف ، ويكون له أن يرجع بقيمة جميع البناء ولكن هذا فاسد عندنا ، فإن الرجوع بحكم الاستحقاق ، فإنما يثبت بمقدار ما يوجد فيه الاستحقاق ; فلهذا يكتب بقيمة ما يستحق من ذلك ، وبعض أهل الشروط يكتب قيمة البناء والعرش وغير ذلك ، وهذا غير مستحق عندنا ; لأنه يتناول هذا اللفظ ما لا رجوع له من مرمة ليست بعين مال أو حفر فإن المشتري إنما يرجع بقيمة البناء باعتبار أنه يسلم النقض إلى البائع ولا ينافي ذلك في هذه الأشياء ، فاشتراطه في العقد يفسد العقد حتى لو قالوا لو حفر بئرا في الدار وطواها فالحفر ليس من البناء في شيء ، والعلو من البناء فيكون له أن يرجع بقيمة ما هو بناء مطوي ويكتب بعض أهل الشروط الرجوع بما أنفق في البناء ، وهذا مستحسن عندنا فإن رجوع المشتري بقيمة البناء باعتبار أنه يملك النقض من البائع ، وهذا المعنى لا يوجد فيه ; لأنه أنفقه لنفسه على ملكه فلا يرجع به عند الاستحقاق ; فلهذا كان المختار اللفظ الذي ذكره محمد رحمه الله في الكتاب ، وإنما يكتب : إن كل واحد منهما ضامن لجميع ذلك ; لأنه لو لم يكتب هذا رجع على كل واحد من البائعين بنصف قيمة البناء ، فإن كل واحد منهم إنما باعه النصف ، وإنما ضمن له السلامة باعتبار عقده فلمعنى النظر للمشتري يكتب هذا اللفظ حتى يكون له أن يرجع على أيهما شاء بجميع قيمة البناء ; لأن في النصف هو بائع ، وفي النصف الآخر هو ضامن عن صاحبه ، ويكون ضمانه كضمان أجنبي آخر .

التالي السابق


الخدمات العلمية