الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
فإن جاءت امرأة وقالت : لا تعجلوا بقسمة هذا الميراث فإني حبلى فإن ولدت ولدا حيا ورث معكم غلاما كان أو جارية فإن هذا رجل مات أبوه قبله ولأبيه سرية فمات الرجل بعد ابنه وله امرأة وابنة وعم ، فقالت سريته لا تعجلوا فإني إن ولدت غلاما كان أخا للميت ، وكان عصبته فكان الباقي له دون العم .

وكذلك إن ولدت جارية ; لأنها أخت الميت لأب والأخت مع الابنة عصبة فكان الباقي لها دون العم فإن قالت : إن ولدت غلاما ورث ، وإن ولدت جارية لم ترث فهذا رجل مات أخوه وله سرية حبلى ، ثم مات هو وترك ابنتين وعما ، فقالت سريته لهم ذلك فهي إن ولدت غلاما كان ابن أخ الميت فهو أولى بالعصوبة من العم ، وإن ولدت جارية كانت ابنة أخ الميت فلا ترث شيئا والباقي للعم بالعصوبة فإن قالت : إن ولدت غلاما لم يرث ، وإن ولدت جارية ورثت فهذه امرأة ماتت عن زوج وأم وأختين لأم وسرية ابنها حبلى وهي التي قالت : له ذلك فإن ولدت جارية كانت أختا لأب فيكون لها النصف ، وإن ولدت غلاما لم يرث شيئا ; لأنه عصبة ولم يبق من أصحاب الفرائض شيء فلا شيء له فإن قالت : إن ولدت غلاما لم يرث ، وإن ولدت جارية لم ترث ، وإن ولدتهما جميعا ورثا فهذا رجل مات أبوه وله سرية حبلى ، ثم مات الرجل وترك أمه وأختا لأب وأم وجد فسرية أبيه إن ولدت غلاما كان أخا للابن فكان للأم السدس وما بقي بين الجد والأخ والأخت للذكر مثل حظ الأنثيين ، ثم يرد الأخ من الأب على الأخت من الأب والأم ما في يديه حتى يستكمل النصف ولا يبقى له شيء فإن الفريضة من ستة للأم السدس سهم وللجد اثنان وللأخ من الأب اثنان وللأخت من الأب والأم واحد ، ثم يرد الأخ ما في يده على الأخت حتى يسلم لها النصف ثلاثة ويخرج بغير شيء ، وإن ولدت جارية كان للأم السدس وما بقي بين الجد والأخت من الأب والأم والأخ من الأب للذكر مثل حظ الأنثيين ، ثم ردت الأخت [ ص: 65 ] من الأب على الأخت من الأب والأم ما في يدها ولم ترث شيئا ، وإن كانت هي ولدت غلاما وجارية كانت الفريضة من ثمانية عشر سهما للأم السدس ثلاثة وللجد ثلث ما بقي خمسة فإن ذلك خير له من المقاسمة وبقي عشرة للأخت لأب وأم منها كمال النصف تسعة والباقي ، وهو سهم بين الأخ والأخت من الأب للذكر مثل حظ الأنثيين أثلاثا فيرثان جميعا في هذه الحالة ، وهذا قول زيد رضي الله عنه .

فإن قالت الحبلى إن ولدت غلاما ورث وورثت ، وإن ولدت جارية لم أرث ولم ترث فهذا رجل زوج ابن ابنة ابنه ابنة ابن ابن له آخر ، ثم مات ابن ابنة ابنه وابنة ابن ابنه حبلى من ابن ابنة ابنه، ثم مات الرجل وترك ابنه وعصبته فجاءت ابنة ابن ابنه هذه ، فقالت ما قالت فهي إن ولدت جارية لم يكن لها ولا للجارية شيء ; لأن ابنتي الميت قد أحرزتا الثلثين فريضة البنات فلا شيء لمن دونهما من البنات ولكن الباقي للعصبة ، وإن ولدت غلاما ورثت هي ، وهو ; لأنها ابنة ابن ابن الميت وابنها ابن ابن ابن الميت فتصير هي عصبة به ، وكان الباقي بينهما للذكر مثل حظ الأنثيين ، وإن قالت : هذه الحبلى إن ولدت جارية ورثت أنا وهي ، وإن ولدت غلاما لم أرث أنا ولا هو فهذه امرأة تزوج ابن ابنها ابنة ابن ابنها ، ثم مات ابن ابنها وابنة ابن ابنها حبلى ، ثم ماتت المرأة وتركت زوجها وابنتها وأبويها فجاءت الحبلى وقالت ما قالت فهي إن ولدت غلاما لم يرث هو ولا هي ; لأن لابنة الميت النصف ولأبويها السدس وللزوج الربع فقد عالت الفريضة ولم يبق لهما شيء فإنها صارت عصبة بالذكر في درجتها فإن لم يبق من أصحاب الفرائض شيء فلا شيء للعصبة ، وإن ولدت جارية كان لابنة الميت النصف ولهذه مع ابنتها السدس تكملة الثلثين ; لأنهما ابنتا ابن ابن وللأبوين السدسان وللزوج الربع فكانت الفريضة من خمسة عشر سهما فإن قالت : لا تعجلوا فإني حبلى فإن ولدت غلاما حيا وجارية ميتة ورثت أنا والغلام ، وإن ولدت جارية حية وغلاما ميتا لم يرث واحد منا فهذا رجل له ابنتان وابنة ابن ابن قد تزوجها ابن ابن له آخر ، ثم مات ابن ابنه ، ثم مات الرجل وترك ابنتيه وابنة ابنه وهي حبلى من ابن ابنه فهي إن ولدت غلاما حيا وجارية ميتة صارت هي عصبة بالغلام فورث الغلام وهي ما بقي للذكر مثل حظ الأنثيين ، وإن ولدت جارية حية وغلاما ميتا لم يرث واحد منهما شيئا ; لأن الابنتين قد أحرزتا فريضة البنات ، وكان الباقي للعصبة ، والله أعلم بالصواب .

التالي السابق


الخدمات العلمية