الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
وإذا اشترى رجل دارا بدين له على البائع كتب هذا كتاب لفلان بن فلان أنه كان لك على هذا كذا درهما ، وهو جميع ما كان لك علي وإني بعتك بذلك كله الدار التي في بني فلان ويجريه على الرسم حتى يقول : بجميع الدين الذي لك علي ، وهو كذا درهما ولا يكتب ، وقد قبضته منك ولكن يكتب ، وقد برئت إلي من الثمن كله ، ولم يستحسن بعض أهل الشروط هذا اللفظ أيضا وقالوا هذا إقرار بالقبض ، وفي الشراء بالدين يسقط الدين إذا تم الشراء إلا أن يصير المديون قابضا له ; لأنه لا يجوز أن يكون قابضا دين الغير من نفسه ولكنا نقول لا يجوز أن يكون قابضا دين الغير من نفسه للغير ولكن يجوز أن يكون قابضا لنفسه فيجعله قابضا الثمن لنفسه ولكن قبض حكمي لا حسي فيكتب : وقد برئت إلي من الثمن كله ولا يكتب ، وقد قبضته منك ; لأن ذلك عبارة عن القبض الحسي ثم يكتب ، وقد قبضت هذه الدار مني ، وقد برئت إليك منها وبرئت أنا مما كان لك علي من الدين وهذه زيادة لا يحتاج إليها ولكن من الألفاظ ما جرى الرسم بذكره للتأكيد فيذكر محمد رحمه الله بعض تلك الألفاظ كما هو عادة أهل الشروط ، فإن أراد الذي عليه الدين أن يكتب براءة من الدين كتب هذا كتاب من فلان أنه كان لي عليك كذا ، وهو جميع ما كان لي عليك وأنك بعتني به دار كذا وقبضتها منك وبرئت إلي منه فما ادعيت قبلك من دعوى في هذا الدين أو غيره بعد هذه البراءة فإني فيما ادعيت من ذلك مبطل وأنت مما ادعيت من ذلك كله بريء وهذه زيادة زيادات لا يحتاج إليها ، ولم يستحسن بعض أهل الشروط قوله أو [ ص: 187 ] غيره ; لأنه إن كان المراد غير هذا الدين مما كان واجبا له عليه فهو ما برئ من ذلك بهذا الشراء ، وإن كان المراد به غيره مما يجب له عليه بعد هذا الشراء فهو لا يبرأ من ذلك بهذا الشراء ، وإن كان المراد غيره مما ليس بواجب فهو مبطل في دعوى ذلك كتب هذا أو لم يكتب فلا فائدة في هذه الزيادة ولكن جرى الرسم بكتب هذه الزيادة لطمأنينة القلوب .

التالي السابق


الخدمات العلمية