الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                          صفحة جزء
                                                                          ( وينفذ ) أي : يبعث ثقة ( ليتسلم ديوان الحكم ) بكسر الدال وحكي فتحها وهو الدفتر المعد لكتب الوثائق والسجلات والودائع ( ممن كان قاضيا قبله ) لأنه الأساس الذي يبني عليه وهو في يد الحاكم بحكم الولاية وقد صارت إليه ( ويأمر كاتبا ثقة يثبت ما تسلمه بمحضر عدلين ) احتياطا ( ثم يخرج يوم الوعد ) أي : الذي وعد الناس بالجلوس فيه للحكم ( بأعدل أحواله غير غضبان ولا جائع ولا حاقن ولا مهموم بما يشغله عن الفهم ) لأنه أجمع لقلبه وأبلغ في تيقظه للصواب ( فيسلم على من يمر به ولو صبيا ) لأنه إما راكب أو ماش والسنة لكل منهما أن يسلم على من يمر به ( ثم ) يسلم ( على من بمجلسه ) لحديث " { من حق المسلم على المسلم أن يسلم عليه إذا لقيه } " ( ويصلي إن كان بمسجد تحيته ) إن لم يكن وقت نهي كغيره ( وإلا ) يكن مسجدا ( خير ) بين الصلاة وتركها كسائر المجالس ( والأفضل الصلاة ) لينال ثوابها ( ويجلس على بساط أو نحوه ) يختص به ليتميز عن جلسائه لأنه أهيب له لأنه مقام عظيم يجب فيه إظهار الحرمة تعظيما للشرع ( ويدعو ) الله تعالى ( بالتوفيق ) للحق ( والعصمة ) من زلل القول والعمل لأنه مقام خطر وكان من دعاء عمر اللهم أرني الحق حقا ووفقني لاتباعه وأرني الباطل باطلا ووفقني لاجتنابه ( مستعينا ) أي : طالبا المعونة من الله تعالى ( متوكلا ) أي : مفوضا أمره إليه ( ويدعو سرا ) لأنه أرجى للإجابة وأبعد من الرياء ( وليكن مجلسه في موضع لا يتأذى فيه بشيء ) لئلا يشتغل باله بما يؤذيه ( فسيحا كجامع ) فيجوز القضاء فيه بلا كراهة روي عن عمر وعثمان وعلي أنهم كانوا يقضون في المسجد .

                                                                          قال مالك القضاء في المسجد من أمر [ ص: 498 ] الناس القديم وكان صلى الله عليه وسلم يجلس في المسجد مع حاجة الناس إليه في الفتيا والحكم وغيرهما من حوائج الناس وأما الجنب فيغتسل والحائض توكل أو تأتي القاضي في منزله ( ويصونه ) أي : المسجد ( عما يكره فيه ) من نحو رفع صوت ( وكدار واسعة وسط البلد إن أمكن ) لتستوي أهل البلد في المضي إليه

                                                                          التالي السابق


                                                                          الخدمات العلمية