الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                          صفحة جزء
                                                                          الشيء ( الثاني ) مما يعتبر للعدالة ( استعمال المروءة ) بوزن سهولة أي الإنسانية ( بفعل ما يجمله ويزينه ) عادة كحسن الخلق والسخاء وبذل الجاه وحسن الجوار ونحوه ، ( وترك ما يدنسه ويشينه ) أي : يعيبه ( عادة ) من الأمور الدنيئة المزرية به ، ( فلا شهادة ) مقبولة ( لمصافع ) أي يصفعه غيره لا يرى بذلك بأسا ( ومتمسخر ) يقال : سخر منه وبه كفرح وسخر هزئ كاستسخر ( ورقاص ) كثير الرقص ( ومشعبذ ) الشعبذة والشعوذة خفة في اليدين كالسحر ( ومغن ويكره الغناء ) بكسر الغين المعجمة والمد ، وهو رفع الصوت بالشعر على وجه مخصوص ، .

                                                                          ( و ) يكره ( استماعه ) أي الغناء إلا من أجنبية فيحرم التلذذ به ، وكذا يحرم من آلة لهو من حيث الآلة ، .

                                                                          ( و ) ك ( طفيلي ) الذي يتبع الضيفان ( ومتزي بزي يسخر منه ) أي يهزأ به ، ( ولا ) شهادة ( لشاعر يفرط ) أي يكثر ( في مدح بإعطاء و ) يفرط ( في ذم بمنع ) من إعطاء ، ( أو يشبب بمدح خمر أو بأمرد أو بامرأة معينة محرمة ، ويفسق بذلك ولا تحرم روايته ، ولا ) شهادة ( للاعب بشطرنج غير مقلد ) من يرى إباحته حال لعبه لتحريم لعبه ( ك ) ما يحرم ( بعوض أو ترك واجب أو فعل محرم ) ، ولو بإيذاء من يلعب معه ( إجماعا أو ) لاعب ( بنرد . ويحرمان ) أي الشطرنج والنرد ، أي اللعب بهما ، لحديث أبي داود في النرد والشطرنج في معناه ، ( و ) لاعب ( بكل ما فيه دناءة حتى في أرجوحة ، أو رفع ثقيل ، وتحرم مخاطرته بنفسه فيه ) أي : رفع الثقيل ، .

                                                                          ( و ) تحرم مخاطرته بنفسه ( في ثقاف ) لقوله تعالى : { ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة } ( أو ) أي ولا شهادة للاعب ( بحمام طيارة ولا لمسترعيها ) أي الحمام ( من المزارع أو ) ل ( من يصيد بها حمام غيره ، ويباح ) اقتناء الحمام ( للأنس بصوتها أو ) ل ( استفراخها و ) ل ( حمل كتب ، ويكره حبس طير لنغمته ) ; لأنه نوع تعذيب له . ( ولا ) شهادة ( لمن يأكل بالسوق ) كثيرا ( لا يسيرا كلقمة وتفاحة ونحوهما ) من اليسير ، ( ولا ) شهادة ( لمن يمد رجله بمجمع الناس أو يكشف من بدنه ما للعادة تغطيته ) كصدره وظهره ، ( أو يحدث بمباضعة أهله ) أي زوجته ( أو ) بمباضعة ( سريته أو يخاطبهما ب ) خطاب ( فاحش بين الناس ، أو يدخل الحمام بغير مئزر ، أو [ ص: 593 ] ينام بين جالسين ، أو يخرج عن مستوى الجلوس بلا عذر ، أو يحكي المضحكات ونحوه ) من كل ما فيه سخف ودناءة ، لأن من رضيه لنفسه واستخفه فليس له مروءة ولا تحصل الثقة بقوله . ولحديث أبي مسعود البدري مرفوعا " { إن مما أدرك الناس من كلام النبوة الأولى : إذا لم تستح فاصنع ما شئت } ; ولأن المروءة تمنع الكذب وتزجر عنه ، ولهذا يمتنع عنه ذو المروءة وإن لم يكن متدينا . قال في الشرح : ومن فعل شيئا من هذا مختفيا به لم يمنع من قبول شهادته ; لأن مروءته لا تسقط به ، وكذا إن فعله مرة أو شيئا قليلا انتهى . ويباح الحداء بضم الحاء المهملة ، وقد تكسر أي الإنشاد الذي تساق به الإبل ، وكذا سائر أنواع الإنشاد ما لم يخرج إلى حد الغناء ، وعنه عليه السلام " { إن من الشعر لحكمة } " وكان يضع لحسان منبرا يقوم عليه فيهجو من هجى رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنشده كعب بن زهير قصيدته

                                                                          بانت سعاد فقلبي اليوم متبول

                                                                          في المسجد ، وأما قوله تعالى : { والشعراء يتبعهم الغاوون } ونحوه مما ورد في ذم الشعر ، فالمراد من أسرف وكذب بدليل ما بعد ، وما اتخذه أرباب الدنيا من العادات والنزاهة التي لم يقبحها السلف ولا اجتنبها أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم كتقذرهم من حمل الحوائج والأقوات للعيال ولبس الصوف وركوب الحمار وحمل الماء على الظهر والرزمة إلى السوق ، فلا يضر شيء من ذلك في المروءة الشرعية لفعل الصحابة ، وقراءة القرآن بالألحان بلا تلحين لا بأس بها وإن حسن صوته به فهو أفضل ; لحديث : " { زينوا أصواتكم بالقرآن } " ولحديث أبي موسى وتقدمت أحكام اللعب في أول المسابقة ، ( ومتى وجد الشرط ) أي شرط قبول الشهادة فيمن لم يكن متصفا به قبل ( بأن بلغ صغير أو عقل مجنون أو أسلم كافر أو تاب فاسق قبلت شهادته بمجرد ذلك ) ; لزوال المانع .

                                                                          التالي السابق


                                                                          الخدمات العلمية