الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                  6019 73 - حدثنا مطرف بن عبد الله أبو مصعب ، حدثنا عبد الرحمن بن أبي الموال ، عن محمد بن المنكدر ، عن جابر رضي الله عنه قال : كان النبي صلى الله عليه وسلم يعلمنا الاستخارة في الأمور كلها كالسورة من القرآن ، إذا هم بالأمر فليركع ركعتين ثم يقول : اللهم إني أستخيرك بعلمك وأستقدرك بقدرتك وأسألك من فضلك العظيم ، فإنك تقدر ولا أقدر ، وتعلم ولا أعلم وأنت علام الغيوب ، اللهم إن كنت تعلم أن هذا الأمر خير لي في ديني ومعاشي وعاقبة أمري - أو قال : في عاجل أمري وآجله - فاقدره لي ، وإن كنت تعلم أن هذا الأمر شر لي في ديني ومعاشي وعاقبة أمري - أو قال : في عاجل أمري وآجله - فاصرفه عني واصرفني عنه ، واقدر لي الخير حيث كان ، ثم رضني به - ويسمي حاجته .

                                                                                                                                                                                  التالي السابق


                                                                                                                                                                                  مطابقته للترجمة ظاهرة ، ومطرف بضم الميم وفتح الطاء المهملة وتشديد الراء المكسورة وبالفاء ابن عبد الله ، أبو مصعب بلفظ المفعول الأصم المديني ، مولى ميمونة بنت الحارث بن حزن الهلالية ، وهو صاحب مالك ، مات سنة عشرين ومائتين ، وهو من أفراد البخاري ، وعبد الرحمن بن أبي الموال واسمه زيد .

                                                                                                                                                                                  والحديث مضى في صلاة الليل في باب ما جاء في التطوع مثنى مثنى ، فإنه أخرجه هناك عن قتيبة ، عن عبد الرحمن بن أبي الموال إلى آخره ، ومضى الكلام فيه هناك .

                                                                                                                                                                                  قوله : " في الأمور كلها " يعني في دقيق الأمور وجليها لأنه يجب على المؤمن رد الأمور كلها إلى الله عز وجل والتبرؤ من الحول والقوة إليه .

                                                                                                                                                                                  قوله : " إذا هم " فيه حذف تقديره : كان النبي صلى الله تعالى عليه وسلم يعلمنا الاستخارة ويقول : إذا هم أحدكم بالأمر أي : إذا قصد الإتيان بفعل أو ترك .

                                                                                                                                                                                  قوله : " فليقل " جواب إذا المتضمن معنى الشرط فلذلك دخلت فيه الفاء .

                                                                                                                                                                                  قوله : " أستخيرك " أي : أطلب منك الخيرة ملتبسا بعلمك بخيري وشري ، ويحتمل أن يكون الباء للاستعانة أو للقسم .

                                                                                                                                                                                  قوله : " وأستقدرك " أي : أطلب القدرة منك أن تجعلني قادرا عليه ، ويقال : أستقدر الله خيرا أي : أسأله أن يقدر له به ، وفيه لف ونشر غير مرتب .

                                                                                                                                                                                  قوله : " فإنك تقدر ولا أقدر " إشارة إلى أن القدرة لله وحده وكذلك العلم له وحده .

                                                                                                                                                                                  قوله : " إن كنت تعلم . . إلى آخره " قيل كلمة إن للشك ، ولا يجوز الشك في كون الله عالما ، وأجيب بأن الشك في أن علمه متعلق بالخير أو الشر لا في أصل العلم .

                                                                                                                                                                                  قوله : " في معاشي " زاد أبو داود في روايته : ومعادي ، والمراد بمعاشه حياته وبمعاده آخرته .

                                                                                                                                                                                  قوله : " أو قال " شك من الراوي أو ترديد منه ، والمراد بينهما يحتمل أن يكون العاجل والآجل مذكورين بدل الألفاظ الثلاثة ، وأن يكون بدل الأخيرين ، قيل : كيف يخرج الداعي به [ ص: 12 ] عن عهدة التفصي حتى يكون جازما بأنه قال كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وأجيب بأنه يدعونه ثلاث مرات يقول تارة : في ديني ومعاشي وعاقبة أمري ، وأخرى : في عاجلي وآجلي ، وثالثة : في ديني وعاجلي وآجلي .

                                                                                                                                                                                  قوله : " فاقدره لي " بضم الدال وكسرها أي : اجعله مقدورا لي أو قدره لي ، وقيل : معناه يسره لي .

                                                                                                                                                                                  قوله : " رضني " أي : اجعلني راضيا بذلك .

                                                                                                                                                                                  قوله : " ويسمي " أي : يعين حاجته مثل أن يقول : إن كنت تعلم أن هذا الأمر من السفر أو التزوج أو نحو ذلك .




                                                                                                                                                                                  الخدمات العلمية