الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.
اختيار هذا الخط
الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.
111 52 - حدثنا nindex.php?page=showalam&ids=16967محمد بن سلام قال : أخبرنا nindex.php?page=showalam&ids=17277وكيع ، عن nindex.php?page=showalam&ids=16004سفيان ، عن nindex.php?page=showalam&ids=17097مطرف ، عن nindex.php?page=showalam&ids=14577الشعبي ، عن nindex.php?page=showalam&ids=9473أبي جحيفة قال : قلت nindex.php?page=showalam&ids=8لعلي : nindex.php?page=hadith&LINKID=650108هل عندكم كتاب ؟ قال : nindex.php?page=treesubj&link=28379_29611_9163_23607_24006لا ، إلا كتاب الله أو فهم أعطيه رجل مسلم أو ما في هذه الصحيفة ، قال : قلت : فما في هذه الصحيفة ؟ قال : العقل ، وفكاك الأسير ، ولا يقتل مسلم بكافر .
مطابقة الحديث للترجمة في قوله " في هذه الصحيفة " ; لأن الصحيفة هي الورقة المكتوبة ، وفي العباب : الصحيفة الكتاب ، والذي يقرأ هو الصحيفة .
بيان رجاله : وهم سبعة :
الأول : nindex.php?page=showalam&ids=16967محمد بن سلام أبو عبد الله البيكندي ، وفي الكمال بتخفيف اللام ، وقد يشدده من لا يعرف ، وقال nindex.php?page=showalam&ids=14269الدارقطني : هو بالتشديد لا بالتخفيف ، وقد تقدم .
الثاني : nindex.php?page=showalam&ids=17277وكيع بن الجراح بن مليح بن عدي بن فرس بن حمحمة ، وقيل : غيره . أصله من قرية من قرى نيسابور الرواسي الكوفي من قيس غيلان ، روى عن nindex.php?page=showalam&ids=13726الأعمش وغيره ، وعن nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد ، وقال : إنه أحفظ من nindex.php?page=showalam&ids=16349ابن مهدي ، وقال nindex.php?page=showalam&ids=15743حماد بن زيد : لو شئت قلت : إنه أرجح من سفيان . ولد سنة ثمان وعشرين ومائة ، ومات بفيد منصرفا من الحج يوم عاشوراء سنة سبع وستين ومائة .
وقال nindex.php?page=showalam&ids=17336ابن معين : ما رأيت أفضل من nindex.php?page=showalam&ids=17277وكيع ، وكان يفتي بقول nindex.php?page=showalam&ids=11990أبي حنيفة ، وكان قد سمع منه شيئا كثيرا ، روى له الجماعة .
الثالث : سفيان ، قال الكرماني : يحتمل أن يراد به nindex.php?page=showalam&ids=16004الثوري وأن يراد به nindex.php?page=showalam&ids=16008سفيان بن عيينة ; لأن nindex.php?page=showalam&ids=17277وكيعا يروي عنهما وهما يرويان عن nindex.php?page=showalam&ids=17098مطرف ، ولا قدح بهذا الالتباس في الإسناد ; لأن أيا كان منهما فهو إمام حافظ ضابط عدل مشهور على شرط nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري ، ولهذا يروي لهما في الجامع شيئا كثيرا ، وقال بعضهم عن nindex.php?page=showalam&ids=16004سفيان : هو الثوري ; لأن nindex.php?page=showalam&ids=17277وكيعا مشهور بالرواية عنه ولو كان nindex.php?page=showalam&ids=16008ابن عيينة لنسبه ; لأن القاعدة في كل من روى عن متفق الاسم أنه يحمل من أهمل نسبته على من يكون له به [ ص: 159 ] خصوصية من إكثار ونحوه ، ووكيع قليل الرواية عن nindex.php?page=showalam&ids=16008ابن عيينة بخلاف nindex.php?page=showalam&ids=16004الثوري . قلت : كل ما ذكره ليس يصلح مرجحا أن يكون nindex.php?page=showalam&ids=16004سفيان هذا هو الثوري بعد أن ثبت رواية nindex.php?page=showalam&ids=17277وكيع عن سفيانين كليهما وروايتهما عن nindex.php?page=showalam&ids=17097مطرف على أن أبا مسعود الدمشقي قال في الأطراف : هذا هو nindex.php?page=showalam&ids=16008سفيان بن عيينة ، وقال الغساني في كتابه تقييد المهمل : هذا الحديث محفوظ عن nindex.php?page=showalam&ids=16008ابن عيينة .
الرابع : nindex.php?page=showalam&ids=17097مطرف بضم الميم وفتح الطاء المهملة وكسر الراء المشددة وبالفاء ابن طريف بطاء مهملة مفتوحة أبو بكر ، ويقال : أبو عبد الرحمن الكوفي الحارثي نسبة إلى بني الحارث بن كعب بن عمرو ، ويقال : الخارفي بالخاء المعجمة وبالفاء نسبة إلى خارف بن عبد الله ، وثقه nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد وغيره .
مات سنة ثلاث وثلاثين ومائة ، روى له الجماعة .
الخامس : nindex.php?page=showalam&ids=14577عامر الشعبي ، وقد تقدم .
السادس : nindex.php?page=showalam&ids=9473أبو جحيفة بضم الجيم وفتح الحاء المهملة وسكون الياء آخر الحروف وبالفاء ، واسمه وهب بن عبد الله السوائي بضم السين المهملة وتخفيف الواو وبالمد الكوفي ، روي له عن رسول الله عليه الصلاة والسلام خمسة وأربعون حديثا ، اتفقا على حديثين وانفرد nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري بحديثين nindex.php?page=showalam&ids=17080ومسلم بثلاثة ، وكان علي رضي الله عنه يكرمه ويحبه ويثق به ، وجعله على بيت المال بالكوفة وشهد معه مشاهده كلها ، ونزل الكوفة ، وتوفي سنة اثنتين وسبعين ، روى له الجماعة ، وكان من صغار الصحابة .
قيل : توفي رسول الله عليه الصلاة والسلام ، ولم يبلغ الحلم ، والله أعلم .
السابع : nindex.php?page=showalam&ids=8علي بن أبي طالب رضي الله عنه .
بيان لطائف إسناده
منها أن فيه التحديث والإخبار والعنعنة ، ومنها أن رواته كلهم كوفيون إلا شيخ nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري وقد دخل فيها ، ومنها أن فيه رواية الصحابي عن الصحابي .
قوله " حدثنا nindex.php?page=showalam&ids=16967محمد بن سلام " كذا في رواية nindex.php?page=showalam&ids=12002أبي ذر وآخرين ، وفي رواية nindex.php?page=showalam&ids=13722الأصيلي : حدثنا nindex.php?page=showalam&ids=16967ابن سلام ، قوله " عن nindex.php?page=showalam&ids=14577الشعبي " ، وفي رواية المصنف في الديات سمعت nindex.php?page=showalam&ids=14577الشعبي ، قوله عن nindex.php?page=showalam&ids=9473أبي جحيفة ، وفي رواية nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري في الديات : سمعت nindex.php?page=showalam&ids=9473أبا جحيفة ، وقد صرح باسمه nindex.php?page=showalam&ids=13779الإسماعيلي في روايته .
بيان تعدد موضعه ومن أخرجه غيره :
أخرجه nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري أيضا في الجهاد ، عن nindex.php?page=showalam&ids=12297أحمد بن يونس ، عن nindex.php?page=showalam&ids=15932زهير . وفي الديات ، عن nindex.php?page=showalam&ids=16222صدقة بن الفضل ، عن nindex.php?page=showalam&ids=16008سفيان بن عيينة ، كلاهما عن nindex.php?page=showalam&ids=17097مطرف به . وأخرجه nindex.php?page=showalam&ids=13948الترمذي في الديات ، عن nindex.php?page=showalam&ids=12289أحمد بن منيع ، عن nindex.php?page=showalam&ids=17249هشيم ، عن nindex.php?page=showalam&ids=17097مطرف نحوه ، وقال : حسن صحيح . وأخرجه nindex.php?page=showalam&ids=15397النسائي في القود عن محمد بن منصور ، عن nindex.php?page=showalam&ids=16008سفيان بن عيينة نحوه . وأخرجه nindex.php?page=showalam&ids=13478ابن ماجه في الديات ، عن علقمة بن عمرو الداري ، عن nindex.php?page=showalam&ids=11948أبي بكر بن عياش ، عن nindex.php?page=showalam&ids=17097مطرف نحوه .
بيان اللغات
قوله " كتاب " أي مكتوب من عند رسول الله عليه الصلاة والسلام ، قوله “ أو فهم " ، وهو جودة الذهن ، قال nindex.php?page=showalam&ids=14038الجوهري : فهمت الشيء فهما وفهامية علمته ، وفلان فهيم ، وقد استفهمني الشيء فأفهمته وفهمته تفهيما ، وتفهم الكلام إذا فهمه شيئا بعد شيء ، قوله “ الصحيفة " قد مر تفسيرها ، قوله “ العقل " أي الدية ، وإنما سميت به لأنهم كانوا يعطون فيها الإبل ويربطونها بفناء دار المقتول بالعقال وهو الحبل .
قوله " وفكاك الأسير " بكسر الفاء ، وهو ما يفتك به ، وفكه وافتكه بمعنى أي خلصه ، ويجوز فتح الفاء أيضا ، قال nindex.php?page=showalam&ids=14986القزاز : الفتح أفصح ، وفي العباب : فك يفك فكا وفكوكا ، وفك الرهن إذا خلصه ، وفكاك الرهن وفكاكه ما يفتك به ، عن nindex.php?page=showalam&ids=15080الكسائي ، وفك الرقبة أي أعتقها ، وفككت الشيء أي خلصته ، وكل مشتبكين فصلتهما فقد فككتهما .
قوله " الأسير " فعيل بمعنى المأسور من أسره إذا شده بالإسار ، وهو القد بكسر القاف وبالمهملة ; لأنهم كانوا يشدون الأسير بالقد ويسمى كل أخيد أسيرا وإن لم يشد به .
بيان الإعراب
قوله " هل " للاستفهام ، و" كتاب " مرفوع بالابتداء وخبره قوله “ عندكم " مقدما ، قوله “ لا " أي لا كتاب عندنا إلا كتاب الله بالرفع ، وهو استثناء متصل ; لأن المفهوم من الكتاب كتاب أيضا ; لأن المفاهيم توابع المناطيق ، قوله “ أو فهم " بالرفع عطف على كتاب الله و" أعطيه " بصيغة المجهول وفتح الياء أسند إلى قوله " رجل " ، ولكنه هو المفعول الأول النائب عن الفاعل ، والضمير المنصوب هو المفعول الثاني .
قوله " مسلم " صفة لرجل ، قوله “ أو ما في هذه الصحيفة " عطف على قوله " كتاب الله " وكلمة " ما " موصولة مبتدأ ، وقوله " في هذه الصحيفة " خبره .
قوله " قلت : وما في هذه الصحيفة " أي أي شيء في هذه الصحيفة ، فكلمة ما استفهامية مبتدأ و" في هذه الصحيفة " خبره ، وفي بعض النسخ : فما في هذه الصحيفة ؟ بالفاء وكلاهما للعطف .
قوله " nindex.php?page=treesubj&link=9277العقل " مرفوع ; لأنه مبتدأ حذف خبره ، أي فيها العقل ، والمضاف فيه محذوف أيضا أي حكم العقل أي الدية كما ذكرنا .
قوله [ ص: 160 ] " nindex.php?page=treesubj&link=24006وفكاك الأسير " كلام إضافي عطف على العقل ، قوله “ ولا يقتل " بضم اللام . وفي رواية nindex.php?page=showalam&ids=15086الكشميهني : وأن لا يقتل بزيادة أن الناصبة وأن مصدرية في محل الرفع على الابتداء ، والخبر محذوف تقديره : وفيها عدم nindex.php?page=treesubj&link=9163_9149قتل مسلم بكافر يعني حرمة قصاص المسلم بالكافر .
وأما على رواية من روى : ولا يقتل ، بدون أن ، فإنه جملة فعلية معطوفة على جملة اسمية ، أعني قوله العقل ; لأن تقديره : وفيها العقل كما ذكرنا ، والتقدير : وفيها العقل ، وفيها حرمة قصاص المسلم بالكافر .
قوله " هل عندكم ؟ " الخطاب nindex.php?page=showalam&ids=8لعلي رضي الله عنه ، والجمع للتعظيم أو لإرادته مع سائر أهل البيت ، أو للالتفات من خطاب المفرد إلى خطاب الجمع على مذهب من قال من علماء البيان يكون مثله التفاتا ، وذلك كقوله تعالى : nindex.php?page=tafseer&surano=65&ayano=1يا أيها النبي إذا طلقتم النساء إذ لا فرق بين أن يكون الانتقال حقيقة أو تقديرا عند الجمهور .
قوله " كتاب " أي مكتوب أخذتموه عن رسول الله عليه الصلاة والسلام مما أوحي إليه ، ويدل عليه ما رواه nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري في الجهاد : هل عندكم شيء من الوحي إلا ما في كتاب الله ، وفي روايته الأخرى في الديات : هل عندكم شيء مما ليس في القرآن ، وفي مسند nindex.php?page=showalam&ids=12418إسحاق بن راهويه عن جرير بن مطرف : هل علمت شيئا من الوحي ، وإنما سأله nindex.php?page=showalam&ids=9473أبو جحيفة عن ذلك ; لأن الشيعة كانوا يزعمون أنه عليه الصلاة والسلام خص أهل بيته لا سيما nindex.php?page=showalam&ids=8علي بن أبي طالب رضي الله تعالى عنه بأسرار من علم الوحي لم يذكرها لغيره ، وقد سأل nindex.php?page=showalam&ids=8عليا رضي الله تعالى عنه عن هذه المسألة أيضا قيس بن عباد بضم العين المهملة وتخفيف الباء الموحدة والأشتر النخعي ، وحديثهما في سنن nindex.php?page=showalam&ids=15397النسائي .
قوله " قال : لا " أي لا كتاب ، أي ليس عندنا كتاب غير كتاب الله تعالى . وفي رواية nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري في الجهاد : لا والذي فلق الحبة وبرأ النسمة .
قوله " إلا كتاب الله " بالرفع ; لأنه بدل من المستثنى منه ، والاستثناء متصل كما ذكرنا ; لأنه من جنسه إذ لو كان من غير جنسه لكان قوله “ أو فهم " منصوبا ; لأنه عطف على المستثنى ، والمستثنى إذا كان من غير جنس المستثنى منه يكون منصوبا وما عطف عليه كذلك ، وقول بعضهم : الظاهر أن الاستثناء فيه منقطع غير صحيح ، وقال ابن المنير : فيه دليل على أنه كان عنده أشياء مكتوبة من الفقه المستنبط من كتاب الله ، وهو المراد من قوله " أو فهم أعطيه رجل " . قلت : ليس الأمر كذلك بل المراد من الفهم ما يفهمه الرجل من فحوى الكلام ويدرك من بواطن المعاني التي هي غير الظاهر من نصه ; كوجوه الأقيسة والمفاهيم وسائر الاستنباطات ، والدليل عليه ما رواه nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري في الديات بلفظ : " nindex.php?page=hadith&LINKID=652820ما عندنا إلا ما في القرآن إلا فهما يعطى رجل في الكتاب " والمعنى : إلا ما في القرآن من الأشياء المنصوصة لكن إن أعطى الله رجلا فهما في كتابه فهو يقدر على استنباط أشياء أخرى خارجة عن ظاهر النص ، ومن أبين الدليل على أن المراد من الفهم ما ذكرنا ، وأنه غير شيء مكتوب ما رواه nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد بإسناد حسن من طريق nindex.php?page=showalam&ids=16243طارق بن شهاب ، قال : شهدت nindex.php?page=showalam&ids=8عليا رضي الله عنه على المنبر ، وهو يقول : والله ما عندنا كتاب نقرؤه إلا كتاب الله وهذه الصحيفة ، وقد علمت أن الأحاديث يفسر بعضها بعضا .
قوله " أو ما في هذه الصحيفة " ، وكانت هذه معلقة بقبضة سيفه إما احتياطا أو استحضارا وإما لكونه منفردا بسماع ذلك ، وروى nindex.php?page=showalam&ids=15397النسائي من طريق nindex.php?page=showalam&ids=13707الأشتر فأخرج كتابا من قراب سيفه .
وقال الكرماني : والظاهر أن سبب اقتران الصحيفة بالسيف الإشعار بأن مصالح الدين ليست بالسيف وحده بل بالقتل تارة وبالدية تارة وبالعفو أخرى ، وقال nindex.php?page=showalam&ids=13926البيضاوي : كلام علي رضي الله عنه أنه ليس عنده سوى القرآن nindex.php?page=treesubj&link=32107_32103وأنه صلى الله عليه وسلم لم يخص بالتبليغ والإرشاد قوما دون قوم ، وإنما وقع التفاوت من قبل الفهم واستعداد الاستنباط ، واستثنى ما في الصحيفة احتياطا لاحتمال أن يكون ما فيها ما لا يكون عند غيره ، فيكون منفردا بالعلم به ، قال : وقيل : كان فيها من الأحكام غير ما ذكر هنا ، ولعله لم يذكر جملة ما فيها إذ التفصيل لم يكن مقصودا حينئذ أو ذكره ولم يحفظ الراوي . قلت : وفي رواية nindex.php?page=showalam&ids=12070للبخاري nindex.php?page=showalam&ids=17080ومسلم من طريق يزيد التيمي ، عن علي [ ص: 161 ] رضي الله عنه قال : " ما عندنا شيء نقرؤه إلا كتاب الله وهذه الصحيفة ، فإذا فيها المدينة حرم .. " الحديث .
nindex.php?page=showalam&ids=17080ولمسلم ، عن nindex.php?page=showalam&ids=11871أبي الطفيل ، عن علي رضي الله عنه : " nindex.php?page=hadith&LINKID=660665ما خصنا رسول الله عليه السلام بشيء لم يعم به الناس كافة إلا ما في قراب سيفي هذا ، فأخرج صحيفة مكتوبة ، فيها : لعن الله من ذبح لغير الله .. الحديث .
nindex.php?page=showalam&ids=15397وللنسائي من طريق nindex.php?page=showalam&ids=13707الأشتر وغيره عن علي ، فإذا فيها : " nindex.php?page=hadith&LINKID=883588المؤمنون تتكافأ دماؤهم ، يسعى بذمتهم أدناهم .. " الحديث ، ولأحمد من طريق nindex.php?page=showalam&ids=12300ابن شهاب " فيها فرائض الصدقة " ، فإن قلت : كيف الجمع بين هذه الأحاديث ؟ قلت : الصحيفة كانت واحدة ، وكان جميع ذلك مكتوبا فيها ، ونقل كل من الرواة ما حفظه .
قوله " العقل " أي الدية ، والمراد أحكامها ومقاديرها وأصنافها وأسنانها ، وكذلك المراد من قوله “ وفكاك الأسير " حكمه والترغيب في تخليصه وأنه نوع من أنواع البر الذي ينبغي أن يهتم به .
بيان استنباط الأحكام :
الأول : قال nindex.php?page=showalam&ids=12997ابن بطال : nindex.php?page=treesubj&link=31309فيه ما يقطع بدعة الشيعة والمدعين على علي رضي الله عنه أنه الوصي وأنه المخصوص بعلم من عند رسول الله عليه الصلاة والسلام لم يعرفه غيره ، حيث قال : ما عنده إلا ما عند الناس من كتاب الله ، ثم أحال على الفهم الذي الناس فيه على درجاتهم ، ولم يخص نفسه بشيء غير ما هو ممكن في غيره .
الثاني : فيه nindex.php?page=treesubj&link=24912إرشاد إلى أن للعالم الفهم أن يستخرج من القرآن بفهمه ما لم يكن منقولا عن المفسرين لكن بشرط موافقته للأصول الشرعية .
الثالث : فيه nindex.php?page=treesubj&link=33972إباحة كتابة الأحكام وتقييدها .
الرابع : فيه جواز السؤال عن الإمام فيما يتعلق بخاصته .
الخامس : احتج به nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك nindex.php?page=showalam&ids=13790والشافعي nindex.php?page=showalam&ids=12251وأحمد على أن المسلم لا يقتل بالكافر قصاصا ، وبه قال nindex.php?page=showalam&ids=13760الأوزاعي nindex.php?page=showalam&ids=15124والليث nindex.php?page=showalam&ids=16004والثوري وإسحاق ، nindex.php?page=showalam&ids=11956وأبو ثور nindex.php?page=showalam&ids=16438وابن شبرمة ، وروي ذلك عن nindex.php?page=showalam&ids=2عمر nindex.php?page=showalam&ids=7وعثمان وعلي nindex.php?page=showalam&ids=47وزيد بن ثابت ، وبه قال جماعة من التابعين منهم nindex.php?page=showalam&ids=16673عمر بن عبد العزيز ، وإليه ذهب أهل الظاهر .
وقال nindex.php?page=showalam&ids=11943أبو بكر الرازي : قال nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك nindex.php?page=showalam&ids=15124والليث بن سعد : إن قتله غيلة قتل به وإلا لم يقتل ، وقال nindex.php?page=showalam&ids=11990أبو حنيفة ، nindex.php?page=showalam&ids=14954وأبو يوسف في رواية ، ومحمد nindex.php?page=showalam&ids=15922وزفر : يقتل المسلم بالكافر . وهو قول nindex.php?page=showalam&ids=12354النخعي ، nindex.php?page=showalam&ids=14577والشعبي nindex.php?page=showalam&ids=15990، وسعيد بن المسيب nindex.php?page=showalam&ids=12526، ومحمد بن أبي ليلى nindex.php?page=showalam&ids=16542، وعثمان البتي . وهو رواية عن nindex.php?page=showalam&ids=2عمر بن الخطاب nindex.php?page=showalam&ids=10، وعبد الله بن مسعود ، nindex.php?page=showalam&ids=16673وعمر بن عبد العزيز رضي الله عنهم ، وقالوا : ولا يقتل بالمستأمن والمعاهد .
وقالت الشافعية : احتجت الحنفية بما رواه nindex.php?page=showalam&ids=14269الدارقطني عن الحسن بن أحمد ، عن سعيد بن محمد الرهاوي ، عن عمار بن مطر ، عن إبراهيم بن محمد ، عن nindex.php?page=showalam&ids=15885ربيعة بن أبي عبد الرحمن ، عن ابن البيلماني ، عن nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر رضي الله عنهما : " nindex.php?page=hadith&LINKID=6024إن رسول الله - صلى الله تعالى عليه وسلم - قتل مسلما بمعاهد ، ثم قال : أنا أكرم من وفى بذمته " . ثم قالت الشافعية : قال nindex.php?page=showalam&ids=14269الدارقطني : لم يسنده غير إبراهيم بن أبي يحيى . وهو متروك ، والصواب إرساله . وابن البيلماني ضعيف لا تقوم به حجة إذا وصل الحديث ، فكيف إذا أرسله ؟ ! وقال nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك ويحيى بن سعيد nindex.php?page=showalam&ids=17336وابن معين : هو كذاب يعني إبراهيم بن أبي يحيى ، وقال nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد nindex.php?page=showalam&ids=12070والبخاري : ترك الناس حديثه ، وابن البيلماني اسمه عبد الرحمن ، وقد ضعفوه .
وقال nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد : من حكم بحديثه فهو عندي مخطئ وإن حكم به حاكم نقض ، وقال nindex.php?page=showalam&ids=12918ابن المنذر : أجمع أهل الحديث على ترك المتصل من حديثه فكيف بالمنقطع ؟ ! وقال nindex.php?page=showalam&ids=13926البيضاوي : إنه منقطع لا احتجاج به ثم إنه خطأ إذ قيل : إن القاتل كان nindex.php?page=showalam&ids=243عمرو بن أمية ، وقد عاش بعد الرسول عليه الصلاة والسلام سنين ومتروك بالإجماع ; لأنه روي أن الكافر كان رسولا فيكون مستأمنا لا ذميا وأن المستأمن لا يقتل به المسلم وفاقا ، ثم إن صح فهو منسوخ ; لأنه روي أنه كان قبل الفتح ، وقد قال صلى الله عليه وسلم يوم الفتح في خطبة خطبها على درج البيت الشريف : nindex.php?page=hadith&LINKID=31873 " ولا يقتل مسلم بكافر ، ولا ذو عهد في عهده " .
وقالت الحنفية : لا يتعين علينا الاستدلال بحديث nindex.php?page=showalam&ids=14269الدارقطني وإنما نحن نستدل بالنصوص المطلقة في استيفاء القصاص من غير فصل ، وأما حديث علي رضي الله عنه فلم يكن مفردا ، ولو كان مفردا لاحتمل ما قلتم ، ولكنه كان موصولا بغيره ، وهو الذي رواه قيس بن عباد والأشتر ، فإن في روايتهما : nindex.php?page=hadith&LINKID=679163لا يقتل مؤمن بكافر ، ولا ذو عهد في عهده . فهذا هو أصل الحديث وتمامه ، وهذا لا يدل على ما ذهبتم إليه ; لأن المعنى على أصل الحديث : لا يقتل مؤمن بسبب قتل كافر ، ولا يقتل [ ص: 162 ] ذو عهد في عهده بسبب قتل كافر ، ومن المعلوم أن ذا العهد كافر ، فدل هذا أن الكافر الذي منع النبي - صلى الله عليه وسلم - أن يقتل به مؤمن في الحديث المذكور هو الكافر الذي لا عهد له ، وهذا لا خلاف فيه لأحد أن المؤمن لا يقتل بالكافر الحربي ، ولا الكافر الذي له عهد يقتل به أيضا ، فحاصل معنى حديث nindex.php?page=showalam&ids=9473أبي جحيفة nindex.php?page=hadith&LINKID=31873لا يقتل مسلم ولا ذو عهد في عهده بكافر .
فإن قالوا : كل واحد من الحديثين كلام مستقل مفيد فيعمل به ، فما الحاجة إلى جعلهما واحدا حتى يحتاج إلى هذا التأويل ؟ قلنا : قد ذكرنا أن أصل الحديث واحد فتقطيعه لا يزيل المعنى الأصلي ، ولئن سلمنا أن أصله ليس بواحد وأن كل واحد حديث برأسه ، ولكن الواجب حملهما على أنهما وردا معا ; وذلك لأنه لم يثبت أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال ذلك في وقتين مرة من غير ذكر ذي العهد ومرة مع ذكر ذي العهد ، وأيضا إن أصل هذا كان في خطبته صلى الله عليه وسلم يوم فتح مكة ، وقد كان رجل من خزاعة قتل رجلا من هذيل في الجاهلية ، فقال صلى الله عليه وسلم : ألا إن كل دم كان في الجاهلية فهو موضوع تحت قدمي هاتين ، لا يقتل مؤمن بكافر ، ولا ذو عهد في عهده . يعني ، والله أعلم ، الكافر الذي قتله في الجاهلية ، وكأن ذلك تفسير لقوله " كل دم كان في الجاهلية فهو موضوع تحت قدمي " ; لأنه مذكور في خطاب واحد في حديث واحد ، وقد ذكر أهل المغازي أن عهد الذمة كان بعد فتح مكة ، وأنه إنما كان قبل بين النبي - صلى الله عليه وسلم - وبين المشركين عهود إلى مدد لا على أنهم داخلون في ذمة الإسلام وحكمه ، وكان قوله صلى الله عليه وسلم يوم فتح مكة : " لا يقتل مؤمن بكافر " منصرفا إلى الكفار المعاهدين ; إذ لم يكن هناك ذمي ينصرف الكلام إليه ويدل عليه ، قوله “ ولا ذو عهد في عهده " وهذا يدل على أن عهودهم كانت إلى مدد ، ولذلك قال : " ولا ذو عهد في عهده " كما قال تعالى : nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=4فأتموا إليهم عهدهم إلى مدتهم وقال : nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=2فسيحوا في الأرض أربعة أشهر وكان المشركون حينئذ على ضربين :
أحدهما : أهل الحرب ومن لا عهد بينه وبين النبي - صلى الله عليه وسلم - .
والآخر : أهل المدة ، ولم يكن هناك أهل ذمة ، فانصرف الكلام إلى الضربين من المشركين ، ولم يدخل فيه من لم يكن على أحد هذين الوصفين ، وهذا هو التحقيق في هذا المقام .
وقال بعض الحنفية : وقع الإجماع على أن nindex.php?page=treesubj&link=10160المسلم تقطع يده إذا سرق من مال الذمي ، فكذا يقتل إذا قتله ، وإن قوله " ولا ذو عهد في عهده " من باب عطف الخاص على العام ، وأنه يقتضي تخصيص العام ; لأن الكافر الذي لا يقتل به ذو العهد هو الحربي دون المساوي له والأعلى وهو الذمي ، فلا يبقى أحد يقتل به المعاهد إلا الحربي ، فيجب أن يكون الكافر الذي لا يقتل به المسلم هو الحربي تسوية بين المعطوف والمعطوف عليه ، واعترضوا بوجوه :
الأول : أن الواو ليست للعطف بل للاستئناف وما بعد ذلك جملة مستأنفة فلا حاجة إلى الإضمار ، فإنه خلاف الأصل فلا يقدر فيه بكافر .
الثاني : سلمنا أنه من باب عطف المفرد ، والتقدير : بكافر ، لكن المشاركة بواو العطف وقعت في أصل النفي لا في جميع الوجوه كما إذا قال القائل : مررت بزيد منطلقا وعمرو .
قال الشهاب القرافي : المنقول عن أهل اللغة والنحو أن ذلك لا يقتضي أنه مر بالمعطوف منطلقا ، بل الاشتراك في مطلق المرور .
الثالث : أن المعنى لا يقتل ذو عهد في عهده خاصة إزالة لتوهم مشابهة الذمي ، فإنه لا يقتل ولا ولده الذي لم يعاهد ; لأن الذمة تنعقد له ولأولاده وهلم جرا ، وأما الجواب عن القياس المذكور فإنه قياس في مقابلة النص ، وهو قوله " ولا يقتل مسلم بكافر " فلا أثر له .
وأجيب عن الأول : بأن الأصل في الواو العطف ، ودعوى الاستئناف يحتاج إلى بيان .
وعن الثاني : بأن ما ذكرتم في عطف المفرد وهذا عطف الجملة على الجملة ، وكذلك المعطوف في المثال الذي ذكره القرافي مفرد .
وعن الثالث : بأنه إنما يصح إذا كانت الواو للاستئناف ، وقد قلنا : إنه يحتاج إلى البيان ، وأيضا فمعلوم أن ذا العهد يحظر قتله ما دام في عهده ، فلو حملنا قوله " ولا ذو عهد في عهده " على أن لا يقتل ذو عهد في عهده لأخلينا اللفظ عن الفائدة ، وحكم كلام النبي عليه الصلاة والسلام حمله على مقتضاه في الفائدة ، ولا يجوز إلغاؤه ولا إسقاط حكمه ، والقياس إنما يكون في مقابلة النص إذا كان المعنى على ما ذكرتم وهو غير صحيح ، وعلى ما ذكرنا يكون القياس في موافقة النص فافهم .
وأما قول nindex.php?page=showalam&ids=13926البيضاوي أنه منقطع فإنه لا يضر عندنا ; لأن المرسل حجة عندنا وجزمه بأنه خطأ غير صحيح ; لأن القاتل يحتمل أن يكون اثنين قتل أحدهما وعاش الآخر بعد النبي عليه الصلاة والسلام ، وقوله : إنه منسوخ وقد كان قبل الفتح غير صحيح ; لما ذكرنا أن أصل الحديث كان في خطبته عليه الصلاة والسلام من فتح مكة ، فافهم .