الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
يوم الجمعة .

روي عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه ، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : يوم الجمعة صلاة كله ، ما من عبد مؤمن قام إذا استقلت الشمس وارتفعت قدر رمح ، أو أكثر من ذلك فتوضأ ثم أسبغ ، الوضوء فصلى سبحة الضحى ركعتين إيمانا واحتسابا إلا كتب الله له مائتي حسنة ، ومحا عنه مائتي سيئة ، ومن صلى أربع ركعات رفع الله سبحانه له في الجنة أربعمائة درجة ، ومن صلى ثماني ركعات رفع الله تعالى له في الجنة ثمانمائة درجة ، وغفر له ذنوبه كلها ، ومن صلى ثنتي عشرة ركعة كتب الله له ألفين ومائتي حسنة ، ومحا عنه ألفين ومائتي سيئة ، ورفع له في الجنة ألفين ومائتي درجة وعن نافع عن ابن عمر رضي الله عنهما ، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : من دخل الجامع يوم الجمعة فصلى أربع ركعات قبل صلاة الجمعة يقرأ ، في كل ركعة الحمد لله وقل هو الله أحد خمسين مرة ، لم يمت حتى يرى مقعده من الجنة أو يرى له .

.

التالي السابق


( يوم الجمعة) بضم الجيم، وبسكون الميم أيضا، وقد تقدم في باب الجمعة ( روى عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: يوم الجمعة صلاة كله، ما من عبد مؤمن قام إذا استقلت الشمس) ، وفي بعض النسخ: استعلت، ( وارتفعت قدر) أي مقدار ( رمح، أو أكثر من ذلك فتوضأ، فأسبغ الوضوء فصلى سبحة الضحى) أي: صلاتها المعمولة في الضحى، وهو من التسبيح كالسحرة من التسحير، والمراد بالتسبيح صلاة التطوع من باب تسمية الشيء باسم بعضه ( ركعتين إيمانا) بالله ( واحتسابا) له أي: لا رياء، ولا سمعة، ( كتب الله مائتي حسنة، ومحا عنه مائتي سيئة، ومن صلى أربع ركعات رفع الله له في الجنة أربعمائة درجة، ومن صلى ثماني ركعات رفع الله له في الجنة ثمانمائة درجة، وغفر له ذنوبه كلها، ومن صلى اثنتي عشرة ركعة كتب الله له ألفا ومائتي حسنة، ومحا عنه ألف ومائتي سيئة، ورفع له في الجنة ألفا ومائتي درجة) أورده في القوت، وقال: روينا عن علي بن الحسن بن علي بن أبي طالب، عن أبيه، عن جده رضي الله عنهم قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "يوم الجمعة صلاة كله" فساق الحديث. وقال العراقي : لم أجد له أصلا، وهو باطل. اهـ .

ووجدت في طرة الكتاب ما نصه هو في قربان المتقين لأبي نعيم بمعناه، وإسناده متروك. اهـ .

وأورد ابن الجوزي حديثا آخر في فضل سبحة الضحى يوم الجمعة، أخرجه من طريق ابن الضريس، عن الفضيل بن عياض، عن الثوري، عن مجاهد، عن ابن عباس رفعه "من صلى الضحى يوم الجمعة أربع ركعات، يقرأ في كل ركعة: الحمد عشر مرات، والمعوذتين عشرا عشرا، وقل هو الله أحد عشرا، وقل يا أيها الكافرون عشرا، وآية الكرسي عشرا، فإذا فرغ، ثم يقول: سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم سبعين مرة، ثم يقول: أستغفر الله الذي لا إله إلا هو، غافر الذنوب، وأتوب إليه، سبعين مرة، فمن فعل هكذا على ما وصف، دفع الله عنه شر الليل والنهار، وشر أهل السماء، وأهل الأرض، وشر كل سلطان جائر، وشيطان مارد، والذي بعثني بالحق، لو كان عاقا لوالديه لرزقه الله برهما، وغفر له، ثم ذكر من هذا الجنس ثوابا طويلا يضيع الزمان بذكره إلى أن قال: والذي بعثني بالحق إن له ثوابا كثواب إبراهيم، وموسى، وعيسى، ويحيى، ولا تقطع له طريق، ولا يفرق له متاع، ثم قال: هذا حديث موضوع بلا شك، قبح الله واضعه، فما إيراد هذا الوضع وأسمجه، وفيه مجاهيل أحدهم قد عمله. اهـ .

( وعن نافع ) مولى ابن عمر ( عن ابن عمر رضي الله عنهما، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: من دخل الجامع يوم الجمعة فصلى أربع ركعات قبل صلاة الجمعة، قرأ في كل ركعة الحمد وقل هو الله أحد خمسين مرة، لم يمت حتى يرى مقعده من الجنة أو يرى له) أورده صاحب القوت هكذا، وقال العراقي : رواه الدارقطني في غرائب [ ص: 377 ] مالك، وقال: لا يصح، وعبد الله بن وصيف مجهول، ورواه الخطيب في الرواة عن مالك، وقال: غريب جدا، لا أعلم له وجها غير ذلك.. اهـ .

قلت: وروى ابن الجوزي في الموضوعات، فقال: أخبرنا محمد بن ناصر أبو علي بن البناء، أخبرنا أبو عبد الله الحسين بن عمران العلاف، أخبرنا أبو القاسم القاضي، حدثنا علي بن بندار، حدثنا محمد بن سعيد، حدثنا الحسن، عن وكيع بن الجراح، عن ليث، عن مجاهد، عن ابن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من صلى يوم الجمعة ما بين الظهر والعصر ركعتين، يقرأ في أول ركعة بفاتحة الكتاب وآية الكرسي مرة واحدة، وخمسة وعشرين مرة قل أعوذ برب الفلق، وفي الركعة الثانية يقرأ بفاتحة الكتاب، وقل هو الله أحد، وقل أعوذ برب الناس خمسا وعشرين مرة، فإذا سلم قال: لا حول ولا قوة إلا بالله خمسين مرة، فلا يخرج من الدنيا حتى يرى ربه عز وجل في المنام، ويرى مكانه في الجنة أو يرى له، ثم قال: هذا حديث موضوع، وفيه مجاهيل لا يعرفون، وأورده السيوطي، وأقره على ذلك، ولا أدري ما معنى قوله: فيه مجاهيل، ليث بن أبي سليم معروف، والكلام فيه مشهور، أو شيخه مجاهد من المشاهير، والحسن الذي روى عن وكيع هو الحسن بن علي الهذلي الحلواني الخلال الحافظ، روى له الجماعة خلا النسائي، ومحمد بن سعيد هو المصلوب الشامي، تكلم فيه، فغاية ما يقال: إن الحديث ضعيف فيه ليث والمصلوب، وإنما ذكرت هذا الحديث هنا؛ لأنه أقرب إلى سياق الحديث الذي أورده المصنف تبعا لصاحب القوت، ولو اختلفا في المخرج والعدد، والله أعلم، وأورد ابن الجوزي أيضا من وجه آخر، عن أبان بن أبي عياش ، عن أنس مرفوعا: من كانت له إلى الله حاجة فليقدم بين يدي نجواه صدقة، ثم يدخل يوم الجمعة إلى الجامع فيصلي اثنتي عشرة ركعة يقرأ في عشر ركعات في كل ركعة الحمد مرة وآية الكرسي عشر مرات، ويقرأ في الركعتين في كل ركعة الحمد مرة وقل هو الله أحد خمسين مرة، ثم يجلس، ويسأل الله حاجته، فليس يرده من عاجله وآجله إلا قضاها له. أبان متروك .

قلت: قال أحمد: تركوا حديثه، وبالغ فيه شعبة، حتى قال: لأن يزني الرجل خير له من أن يروي حديثه، والرجل قد أخرج له أبو داود في السنن، فلا يدخل حديثه في هذا الموضوع، والله أعلم .




الخدمات العلمية