الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                          صفحة جزء
                                                                                                                          وفيما إذا وجد أحدهما بصاحبه عيبا به مثله ، أو حدث به العيب بعد العقد هل يثبت الخيار ؛ على وجهين ، فإن علم بالعيب وقت العقد ، أو قال : قد رضيت به معيبا ، أو وجد منه دلالة على الرضى من وطء ، أو تمكين مع العلم بالعيب ، فلا خيار له ،

                                                                                                                          التالي السابق


                                                                                                                          ( وفيما إذا وجد أحدهما بصاحبه عيبا به مثله ) لا خيار ; لأنه لا مزية لأحدهما على صاحبه ، والثاني - وهو الأصح - : ثبوته ; لوجود سببه ، أشبه العبد المغرور بأمة ; لأن الإنسان قد يأنف من عيب غيره ، ولا يأنف من عيب نفسه ، وعلم منه أنه إذا اختلف العيب فيهما أنه يثبت الخيار ، إلا أن يجد المجبوب المرأة رتقاء ، فلا ينبغي أن يثبت لهما الخيار ; لامتناع الاستمتاع بعيب نفسه ، واختار في " الفصول " إن لم يطأ لبظر بها فرتقاء ( أو حدث به العيب بعد العقد هل يثبت الخيار ؛ على وجهين ) أحدهما واختاره القاضي ، وجزم به في " الوجيز " ، وصححه في الشرح : يثبت الخيار ; لأنه عيب أثبت الخيار مقارنا ، فأثبته طارئا كالإعسار والرق ، والثاني : لا ، وهو قول أبي بكر وابن حامد ; لأنه عيب حدث بالمعقود عليه بعد لزوم العقد ، أشبه الحادث [ ص: 109 ] بالمبيع ، والأول أشبه ; لأنه ينتقض بالعيب الحادث في الإجارة .

                                                                                                                          تنبيه : علم مما سبق أنه لا فسخ بغير ذلك ، كعور ، وعمى ، وقطع يد ، بخلاف البيع ، وفي " الروضة " : هل يحط من مهر المثل بقدر النقص ؛ فيه نظر ، وقيل لشيخنا : لم فرق بين هذه العيوب وغيرها ؛ قيل : قد علم أن عيوب الفرج المانعة من الوطء بها في العادة ، فإن المقصود من النكاح الوطء بخلاف اللون والطول والقصر ، وأن الحرة لا تقلب كما تقلب الأمة ، والزوج قد رضي رضى مطلقا وهو لم يشترط صفة ، فبانت بدونها ، والصواب أن له الفسخ ، وذكر صاحب " الهدي " في قطع يد أو رجل أو خرس أو طرش وكذا كل عيب لا يحصل به مقصود النكاح ، فوجب الخيار ، وأنه أولى من البيع ، واختار بعض الشافعية رد المرأة بما ترد به الأمة في البيع ، حكاه أبو عاصم العباداني ، وقال أبو البقاء : الشيخوخة في أحدهما عيب ، ولو بان عقيما فلا خيار ، نص عليه ، ونقل ابن منصور أعجب إلي أن يبين لها .

                                                                                                                          ( فإن علم بالعيب وقت العقد أو قال : قد رضيت به معيبا ) فلا خيار له بغير خلاف نعلمه ; لأنه قد رضي به ، أشبه مشتري المبيع ، وإن ظنه يسيرا فبان كثيرا فلا خيار له ، بخلاف ما إذا رضي بعيب فبان غيره ; لأنه وجد به عيبا لم يرض به ولا يحسبه ، وإن رضي بعيب فزاد بعد العقد فلا خيار له ; لأن رضاه به رضى بما يحدث منه ( أو وجد منه دلالة على الرضى من وطء ، أو تمكين مع العلم بالعيب ، فلا خيار له ) ; لأنه عيب يثبت الخيار ، فبطل بما ذكر كالعيب في المبيع ، وعلم منه أن خيار العيب والشرط على التراخي ، لا يسقط إلا بما يدل على [ ص: 110 ] الرضى من قول أو فعل ، إلا في العنة ، فإنه لا يسقط بغير القول ، وصرح به الأصحاب .




                                                                                                                          الخدمات العلمية