الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                        [ ص: 155 ] ( 6 ) باب القراض في العروض

                                                                                                                        1365 - قال مالك : لا ينبغي لأحد أن يقارض أحدا إلا في العين ; لأنه لا تنبغي المقارضة في العروض ، لأن المقارضة في العروض إنما تكون على أحد وجهين ; إما أن يقول له صاحب العرض : خذ هذا العرض فبعه ، فما خرج من ثمنه فاشتر به ، وبع على وجه القراض ، فقد اشترط صاحب المال فضلا لنفسه من بيع سلعته وما يكفيه من مؤونتها ، أو يقول : اشتر بهذه السلعة وبع ، فإذا فرغت فابتع لي مثل عرضي الذي دفعت إليك ، فإن فضل شيء فهو بيني وبينك ، ولعل صاحب العرض أن يدفعه إلى العامل في زمن هو فيه نافق كثير الثمن ، ثم يرده العامل حين يرده وقد رخص فيشتريه بثلث ثمنه ، أو أقل من ذلك ، فيكون العامل قد ربح نصف ما نقص من العرض في حصته من الربح ، أو يأخذ العرض في زمان ثمنه فيه قليل ، فيعمل فيه حتى يكثر المال في يديه ، ثم يغلوا ذلك العرض ويرتفع ثمنه حين يرده ، فيشتريه بكل ما في يديه ، فيذهب عمله وعلاجه باطلا ، فهذا غرر لا يصلح . فإن جهل ذلك ، حتى يمضي ، نظر إلى قدر أجر الذي دفع إليه [ ص: 156 ] القراض في بيعه إياه وعلاجه فيعطاه ثم يكون المال قراضا ، من يوم نض المال واجتمع عينا ويرد إلى قراض مثله .

                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                        30871 - قال أبو عمر : قد بين مالك - رحمه الله في هذا الباب معنى الكراهية للقراض بالعروض بيانا شافيا لا يشكل على من له أدنى تأمل .

                                                                                                                        30872 - وقد تقدم من أقوال الفقهاء في المال الذي تجوز فيه المضاربة ما أغنى عن تكراره هاهنا .

                                                                                                                        30873 - ولا خلاف بينهم في أن القراض جائز بالعين من الذهب ، والورق .

                                                                                                                        30874 - واختلفوا في القراض بالفلوس وبالنقد على ما ذكرناه في صدر هذا الكتاب ، والحمد لله .

                                                                                                                        30875 - وذكرنا عن ابن أبي ليلى أنه أجاز القراض بالعروض ، وقد بان وجه قوله بما ذكرناه هنالك ، وما ذكره مالك - رحمه الله - هنا يبين أنه لا وجه لقوله يصح إن شاء الله - عز وجل - .




                                                                                                                        الخدمات العلمية