الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                      جامع العيوب قال سحنون : قلت لابن القاسم : أرأيت إن اشتريت أمة مستحاضة أتراه عيبا في قول مالك أردها به ؟ قال : قال مالك : ذلك عيب ترد منه .

                                                                                                                                                                                      قلت : أرأيت إن اشتراها وهي حديثة السن ممن تحيض فارتفع حيضها عند المشتري في الاستبراء شهرين أو ثلاثة أيكون هذا عيبا في قول مالك ؟ قال : قال مالك : ذلك عيب إن أحب أن يردها ردها .

                                                                                                                                                                                      قلت : أرأيت إذا مضى شهران من حين اشتراها فلم تحض أيكون له أن يردها مكانه ويكون هذا عيبا ؟ قال : لم يحد لي مالك في ذلك حدا إلا أني أرى إن جاء ليردها ويدعي أن ذلك عيب وذلك بعد مضي أيام حيضتها بالأيام اليسيرة لم أر ذلك له ; لأن الحيض قد يتقدم ويتأخر الأيام اليسيرة إلا أن يطول ذلك فلا يقدر المشتري على وطئها ولا الخروج بها فيكون هذا ضررا على المشتري ، فإذا كان ضررا على المشتري صار عيبا يردها به على البائع .

                                                                                                                                                                                      [ ص: 346 ] قلت : أرأيت إن قال البائع : أنها إن لم تحض عندك هذا الشهر يوشك أن تحيض عندك الشهر الداخل ، أترى أن يؤمر المشتري بحبسها والصبر عليها لعلها تحيض في الشهر الثاني ولا يفسخ البيع أم يفسخ البيع ؟ قال : لا أحفظ عن مالك في هذا شيئا ولكن ينظر السلطان في ذلك ، فإن رأى ضررا فسخ البيع ، وإن رأى أن ذلك ليس بضرر أخره ما لم يكن يقع الضرر .

                                                                                                                                                                                      قلت : أرأيت إن قال البائع : أنا أقيم البينة أنها قد حاضت عندي قبل أن أبيعكها بيوم أو بيومين أو نحو ذلك أو قال للمشتري : إنما حدث بها هذا الداء عندك فلا يكون لك أن تردها علي ، قال مالك : إذا لم تحض فذلك عيب يردها به المشتري فقول البائع هاهنا لا ينفعه ; لأنها في ضمان البائع حتى تخرج من الاستبراء أو إنما تصير للمشتري إذا تم الاستبراء فهي ، وإن حدث بها هذا الداء في الاستبراء فإنما حدث وهي في ضمان البائع . ألا ترى أن ما حدث من العيوب في الاستبراء إذا كانت مما يتواضع مثلها أنه من البائع حتى تخرج من الحيضة إلا أن تكون من الجواري اللاتي يجوز بيعهن على غير الاستبراء ، وتباع على ذلك فيكون من المشتري ; لأنه مما يحدث ، وكذلك لو أصابها عيب كان ذلك من المشتري ; ألا ترى أنها لو ماتت بعد استبرائه إياها كانت مصيبتها من المشتري فكذلك ما حدث من العيوب

                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية