الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            ( 4548 ) فصل : والبقرة كالإبل . نص عليه أحمد . وهو قول الشافعي ، وأبي عبيد . وحكي عن مالك أن البقرة كالشاة

                                                                                                                                            ولنا ، خبر جرير فإنه طرد البقرة ولم يأخذها ، ولأنها تمتنع عن صغار السباع ، وتجزئ في الأضحية والهدي عن سبعة ، فأشبهت الإبل . وكذا الحكم في الخيل والبغال . فأما الحمر ، فجعلها أصحابنا من هذا القسم الذي لا يجوز التقاطه ; لأن لها أجساما عظيمة ، فأشبهت البغال والخيل ، ولأنها من الدواب ، فأشبهت البغال . والأولى إلحاقها بالشاة ; لأن النبي صلى الله عليه وسلم علل الإبل بأن معها حذاءها وسقاءها . يريد شدة صبرها عن الماء ; لكثرة ما توعي في بطونها منه ، [ ص: 32 ] وقوتها على وروده .

                                                                                                                                            وفي إباحة ضالة الغنم بأنها معرضة لأخذ الذئب إياها ، بقوله : " هي لك ، أو لأخيك ، أو للذئب " . والحمر مساوية للشاة في علتها ، فإنها لا تمتنع من الذئب ، ومفارقة للإبل في علتها ، فإنها لا صبر لها عن الماء ، ولهذا يضرب المثل بقلة صبرها عنه ، فيقال : ما بقي من مدته إلا ظمأ حمار . وإلحاق الشيء بما ساواه في علة الحكم وفارقه في الصورة ، أولى من إلحاقه بما قاربه في الصورة وفارقه في العلة . فأما غير الحيوان ، فما كان منه ينحفظ بنفسه ، كأحجار الطواحين ، والكبير من الخشب ، وقدور النحاس ، فهو كالإبل في تحريم أخذه ، بل أولى منه ; لأن الإبل تتعرض في الجملة للتلف .

                                                                                                                                            إما بالأسد ، وإما بالجوع أو العطش ، وغير ذلك ، وهذه بخلاف ذلك ، ولأن هذه لا تكاد تضيع عن صاحبها ولا تبرح من مكانها بخلاف الحيوان ، فإذا حرم أخذ الحيوان ، فهذه أولى .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية