الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                          صفحة جزء
                                                                          فصل . الحال الثالث : أن تكون العين المتنازع فيها بيديهما أي المتنازعين ( كطفل ) مجهول نسبه ( كل ) منهما ( ممسك لبعضه فيحلف كل ) منهما ( كما مر ) أي : أن نصفه له لا حق للآخر فيه ( فيما ينتصف ) أي في الحال الأولى ( وتناصفاه ) أي المدعى به ، لحديث أبي موسى : " { أن رجلين اختصما إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم في دار ليس لأحدهما بينة فجعلها بينهما نصفين } رواه الخمسة إلا الترمذي .

                                                                          وكذا إن نكلا ; لأن يد كل منهما عليها فهما سواء فلا مرجح لأحدهما على الآخر ( إلا أن يدعي أحدهما نصفا ) من المتنازع فيه ( فأقل ) من النصف ، ( أو ) يدعي ( الآخر الجميع ) أي جميع المدعى به ( أو ) يدعي الآخر ( أكثر مما بقي ) مما يدعيه الآخر ، كأن ادعى أحدهما الثلث والآخر ثلاثة الأرباع ( فيحلف مدعي الأقل ) وحده ، ( ويأخذه ) أي ما حلف عليه ; لأنه يدعي أقل مما بيده ظاهرا أشبه ما لو انفرد باليد ( وإن كان ) مجهول النسب الذي بيديهما ( مميزا فقال : إني حر خلي ) سبيله ومنعا منه ; لأنه يعرب عن نفسه بالحرية ويصح تصرفه بالوصية ويؤمر بالصلاة أشبه البالغ ( حتى تقوم بينة برقه ) ; لأن الأصل في بني آدم الحرية والرق طارئ ، فإن قامت بينة لمدعي رقه عمل بها لشهادتها بزيادة ، ( فإن قويت يد أحدهما ) أي المتنازعين في عين بأيديهما ( كحيوان ) ادعاه اثنان ( واحد ) منهما ( سائقه أو آخذ بزمامه وآخر راكبه أو عليه حمله ) فللثاني الراكب وصاحب الحمل بيمينه ; لأن تصرفه أقوى ويده آكد وهو المستوفي لمنفعة الحيوان ( أو واحد ) منها ( عليه [ ص: 559 ] حمله وآخر راكبه ) فللثاني الراكب بيمينه لقوة تصرفه ، وإن اتفقا على أن الدابة للراكب وادعى كل منهما ما عليها من الحمل فهو للراكب بيمينه ; لأن يده على الدابة والحمل معا بخلاف السرج ، ( أو ) ك ( قميص واحد آخذ بكمه وآخر لابسه ف ) هو ( للثاني ) اللابس له ( بيمينه ) لما تقدم ، فإن كان كمه بيد أحدهما وباقيه بيد الآخر ، أو تنازعا عمامة طرفها بيد أحدهما وباقيها بيد الآخر فهما سواء فيهما ; لأن يد الممسك للطرف عليها بدليل أنها لو كان باقيها على الأرض فنازعه غيره فيها كانت له ، وإن تنازع اثنان دارا فيها أربعة أبيات أحدهما ساكن في بيت منها والآخر ساكن في الثلاثة فلكل منهما ما هو ساكن فيه ; لأن كل بيت ينفصل عن صاحبه ولا يشارك الخارج منه الساكن في ثبوت اليد عليه ، وإن تنازعا الساحة التي يتطرق منها إلى البيوت فهي بينهما بالسوية لاشتراكهما في ثبوت اليد عليها .

                                                                          التالي السابق


                                                                          الخدمات العلمية