الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      ولما بين ما يترتب على الإجابة إلى ما أشار إلى أن اليهود اقترحوه من إنزال الكتاب - أخبر أنهم اقترحوا ظهور الملك [لهم] ، وبين لوازمه ، فإنهم قالوا : لو بعث الله رسولا لوجب كونه ملكا ليكون أكثر [ ص: 26 ] علما وأقوى قدرة وأظهر امتيازا عن البشر ، فتكون الشبهة في رسالته أقل ، والحكيم إذا أراد تحصيل مهم كان الأولى تحصيله بما هو أسرع إيصالا إليه ، فقال : وقالوا لولا أي : هلا ولم لا أنـزل عليه ملك أي : من السماء ظاهرا لنا يكلمنا ونكلمه ولا يحتجب عنا .

                                                                                                                                                                                                                                      ولما ذكر قولهم مشيرا إلى شبهتهم ، نقضه بقوله : ولو أي : والحال أنا لو أنـزلنا وأسقط أداة الاستعلاء لعدم الاحتياج في رد كلامهم إلى ذكرها . ولئلا يكون فيه تسليهم لما لوحوا إليه من إنكارهم نزول الملك عليه بالوحي ملكا أي : كما اقترحوه ، فلا يخلو إما أن يكون على صورته أو لا ، فإن كان على صورته التي خلق عليها لم يثبتوا لرؤيته ، ولو كان كذلك لقضي الأمر أي : بهلاكهم ، وبناه للمفعول إشارة على طريق كلام القادرين إلى غاية السرعة لسهولة الأمر وخفة مؤنته ، فإنه لا ينظره أحد منهم إلا صعق ، ولئن أعطيناهم قوة يثبتون بها لنظره ليكونن قضاء للأمر وانفصال للنزاع من وجه آخر ، وهو أن ذلك كشف للغطاء وفوات للإيمان بالغيب ، وقد جرت عادتنا بالإهلاك عند ذلك ، فإذا هم هالكون على كل من هذين التقديرين ، وهو معنى قوله مهولا لرتبته بحرف التراخي : ثم لا ينظرون أي : على حالة من هاتين ، وأما إن جعلناه على صورة يستطيعون نظرها فإنا نجعله [ ص: 27 ] على صورة رجل ، فإنها أكمل الصور ، وحينئذ يقع لهم اللبس الذي وقع لهم بدعائك ، وهو معنى

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية