الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      ولما كان من مفاتح الغيب الموت والبعث الذي ينكرونه ، وكان من أدلته العظيمة النوم والإيقاظ منه مع ما فيه من الإحسان المتكرر ، وكان فيه مع ذلك تقرير لكمال القدرة بعد تقريره لكمال العلم ، أتبع ذلك قوله : وهو أي : وحده الذي يتوفاكم أي : يقبض أرواحكم كاملة بحيث لا يبقى عندكم شعور أصلا ، فيمنعكم التصرف بالنوم كما يمنعكم بالموت ، وذكر الأصل في ذلك فقال : بالليل ويعلم أي : والحال أنه يعلم ما جرحتم أي : كسبتم بالنهار أي : الذي [ ص: 138 ] تعقبه النوم ، من الذنوب الموجبة للإهلاك ، ويعاملكم فيها بالحلم بعد العلم ولا يعجل عليكم ، وهو معنى ثم يبعثكم أي : يوقظكم بعد ذلك النوم المستغرق ، فيصرفكم فيما يشاء فيه أي : في النهار الذي تعقب ذلك النوم بعد استحقاقكم للانتقام ليقضى أي : يتم أجل مسمى كتبه للموتة الكبرى .

                                                                                                                                                                                                                                      ولما تمهد بهذا النشر بعد ذاك الطي في الموتة الصغرى القدرة على مثل ذلك في الموتة الكبرى ، وكان فيه تقريب عظيم له قال : ثم يبعثكم من تلك الموتة كما بعثكم من هذه ، ويكون إليه أي : وحده مرجعكم أي : حسا بالحشر إلى دار الجزاء ، ومعنى بانقطاع الأسباب على ما عهد في الدنيا ثم بعد تلك المواقف الطوال والزلازل والأهوال ، ويمكن أن تشير أداة التراخي إلى عظمة العلم بذلك ، وإليه يرشد أكثر ما قبله من السياق ينبئكم أي : يخبركم إخبارا عظيما جليلا مستقصى بما كنتم تعملون أي : فيجازيكم عليه ، ولعلمه عبر بالعمل لأن الحساب يكون على المكلفين الذين لهم أهلية العلم ، فتقرر - مع كمال قدرته - سبحانه - على اختراع هذه الأشياء والعلم بها - استقلاله بحفظها في كل حال وتدبيرها على [ ص: 139 ] أحسن وجه .

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية