الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
16 - حدثنا جعفر قال حدثنا عبد الرحمن بن إبراهيم الدمشقي، قال: حدثنا مروان بن معاوية، قال: حدثنا عمر بن ذر الهمداني، قال: حدثني مجاهد، عن أبي هريرة، قال: والله إن كنت لأعتمد على الأرض من الجوع، وإن كنت لأشد الحجر على بطني من الجوع، ولقد قعدت في طريقهم يوما، فمر بي أبو بكر رضي الله عنه، فسألته عن آية من كتاب [ ص: 48 ] الله ما أسأله إلا ليستتبعني فمر ولم يفعل، حتى مر بي رسول الله وعرف ما في وجهي، فقال: "أبو هريرة" ، فقلت: لبيك يا رسول الله، واستأذنته فأذن لي فدخلت، فوجد رسول الله لبنا في قدح في أهله، فقالت: "من أين لكم هذا اللبن؟" قالوا: أرسل به إليك فلان، قال: "أهداه لنا فلان" ، فقال: "يا أبا هريرة، انطلق إلى أهل الصفة، فادعهم" ، قال: وكان أهل الصفة أضياف الإسلام لا أهل ولا مال، إذا أتت رسول الله صدقة أرسل بها إليهم ولم يصب منها شيئا، وإذا جاءته هدية أصاب منها وأشركهم فيها، فساءني إرساله إياي، فقلت: كيف أراه أصيب من هذا اللبن شربة أتقوى بها، وما هذا اللبن في أهل الصفة؟ ولم يكن من طاعة الله عز وجل وطاعة رسوله صلى الله عليه وسلم بد، وكنت أنا الرسول، فأتيتهم فأقبلوا مجندين، واستأذنوا فأذن لهم، وأخذوا مجالسهم من البيت، وقال: "خذ يا أبا هريرة فأعطهم" ، قال: فجعلت أعطي الرجل فيشرب حتى يروى، حتى أتيت على جميعهم فرجعت [ ص: 49 ] إلى رسول الله وفي الإناء فضلة، فأعطيته القدح، فرفع رأسه فنظر إلي مبتسما، فقال: "يا أبا هريرة بقيت أنا وأنت" ، قال: قلت: صدقت يا رسول الله، قال: "فاشرب" ، قال: فشربت، قال: "اشرب" فشربت، فما زال يقول: "اشرب" وأشرب، حتى قلت: والذي بعثك بالحق ما أجد له مساغا، قال: فأخذ فشرب من الفضلة.

التالي السابق


الخدمات العلمية