الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
30 - حدثنا جعفر قال نا هدبة بن خ‍الد، قال: حدثنا سليمان بن المغيرة، عن ثابت البناني، عن عبد الله بن رباح، عن أبي قتادة، قال: خطب رسول الله فقال: "إنكم تسيرون عشيتكم وليلتكم وتأتون الماء غدا إن شاء الله" قال أبو قتادة: فانطل‍ق الناس لا يلوي أحد منهم على أحد في مسيرهم، فإني أسير إلى جنب النبي صلى الله عليه وسلم حتى أبهار الليل، فنعس رسول الله فمال على [ ص: 66 ] راحلته، ثم سرنا حتى إذا تهور الليل مال على راحلته ميلة أخرى، فدعمته من غير أن أوقظه، فاعتدل على راحلته، ثم سرنا حتى إذا كان من آخر الليل مال ميلة أخرى هي أشد من الميلتين الأوليين حتى إذا كاد أن ينجفل فدعمته فرفع رأسه، فقال: "من هذا؟" قلت: أبو قتادة، قال: "متى كان هذا مسيرك مني؟" قلت: يا رسول الله هذا مسيري منك منذ الليلة، قال: "حفظك الله بما حفظت به نبيه" ثم قال: "أترانا نخفى على الناس؟ هل ترى أحدا؟" قلت: هذا راكب وهذا آخر، فاجتمعنا فكنا سبعة، فمال عن الطريق، ثم وضع رأسه وقال: "احفظوا علينا صلاتنا" ، فكان أول من انتبه بالشمس في ظهره، فقمنا فزعين، فقال: "اركبوا" فركبنا، فجعل يهمس بعض لبعض ما فعلنا تفريطنا في صلاتنا، فقال رسول الله: "ما هذا الذي تهمسون دوني؟" قلنا: يا رسول الله، تفريطنا في صلاتنا، قال: "أما لكم في أسوة، التفريط ليس في النوم، التفريط، التفريط لمن لم يصل الصلاة حتى يجيء وقت الأخرى، فإذا فعل ذلك فليصلها إذا نبه لها، ثم ليصلها من الغد لوقتها" ثم نزلنا، فدعا بميضأة كانت عندي [ ص: 67 ] فتوضأ وضوءا دون وضوء، ثم صلى ركعتين قبل الفجر ثم صلى صلاة الفجر كما كان يصلي، ثم قال: "اركبوا" ، فركبنا فانتهينا إلى الناس حين تعالى النهار - أو قال: حين حميت الشمس - شك سليمان بن المغيرة - وهم يقولون: هلكنا عطشا، قال: "لا هلك عليكم" ثم نزل، ثم قال: "أطلقوا إلي غمري" فأطلق له، ثم دعا بالميضأة التي كانت عندي فجعل يصب علي وأسقيهم حتى ما في القوم أحد إلا شرب، غيري وغيره فصب علي ثم قال: "اشرب يا أبا قتادة" قلت: يا رسول الله أشرب قبل أن تشرب، قال: " إن ساقي القوم آخرهم، فشربت وشرب رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال عبد الله بن رباح: إني في المسجد الجامع أحدث بهذا الحديث إذ قال عمران بن حصين: "انظر أيها الفتى كيف تحدث، فإني كنت أحد الركب تلك الليلة" ، قلت له: أبا نجيد فحدث فأنت أعلم بحديثكم، فقال: "لقد شهدت تلك الليلة وما شعرت أن أ‍حدا حفظه كما حفظته". [ ص: 68 ]

التالي السابق


الخدمات العلمية