الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
38 - حدثنا جعفر قال حدثنا أبو عمران الهيثم بن أيوب الطالقاني سنة خمس وعشرين قال: حدثنا عيسى بن يونس، عن عبد الرحمن بن زياد، عن زياد بن نعيم الحضرمي، عن زياد بن الحارث الصدائي، قال: أتيت النبي صلى الله عليه وسلم فبايعته على الإسلام، فأخبرت أنه قد بعث جيشا إلى قومي، فأتيته فقلت: رد الجيش، وأنا لك بإسلامهم وطاعتهم، ففعل، فكتبت إل‍يهم، فأتى وفد منهم رسول الله صلى الله عليه وسلم بإسلامهم [ ص: 73 ] وطاعتهم، فقال: "يا أخا صداء إنك المطاع في قومك" ، قلت: بل هداهم الله عز وجل، وأحسن إليهم، فقال: "ألا نؤمرك عليهم؟" قلت: فاكتب لي بإمارتهم، وسألته من صدقاتهم ففعل، وكتب لي بذلك، وكان يومئذ في بعض أسفاره فنزل منزلا، فأتاه أهل المنزل يشتكون عاملهم، وقالوا: أخذنا بما كان بيننا وبين قومهم في الجاهلية، فقال: "أوفعل؟" قالوا: نعم، فالتفت إلى أصحابه وأنا فيهم، فقال: "لا خير في الإمارة لرجل مؤمن" ، فوقع ذلك في نفسي، فأتاه رجل فسأله، فقال: "من سأل الناس عن ظهر غنى، فصداع في الرأس، وداء في البطن" فقال: أعطني من الصدقات، فقال: "إن الله تعالى لم يرض بالصدقات بحكم نبي ولا غيره حتى جزأها ثمانية أجزاء، فإن كنت منها أعطيتك حقك" ثم إن نبي الله صلى الله عليه وسلم اعتشى أول الليل فلزمته وجعل أصحابه ينفتلون حتى لم يبق منهم أحد غيري فلما تحين أذان الصبح، أمرني فأذنت، ونزل يتبرز، وتلاحق أصحابه ثم أقبل، فقال: "أمعك ماء؟" قلت: نعم قليل لا يكفيك، قال: "صبه في إناء ثم ائتني به" ، فوضع كفه فيه، فرأيت بين كل أصبعين من أصابعه عينا تفور، فقال: "لولا أني أستحيي لسقينا واستقينا، ناد في أصحابي من كان يريد الماء" فاغترف من [ ص: 74 ] أحب، ثم إن نبي الله قام إلى الصلاة، فأراد بلال أن يقيم الصلاة، فقال: "إن أخا صداء هو أذن ومن أذن فهو يقيم" فأقمت، فلما قضى رسول الله الصلاة أتيته بصحيفتي، فقلت: أعفني، قال: "وما بذلك؟" قلت: سمعتك تقول: "لا خير في الإمارة لرجل مؤمن" وقد آمنت، وقلت: "من سأل الناس عن ظهر غنى فصداع في الرأس، وداء في البطن" ، وقد سألتك وأنا غني، قال: "هو ذاك فإن شئت فاقبل، وإن شئت فدع" قلت: بل أدع، قال: "فدلني على رجل" فدللته على رجل من الوفد، فقالوا له: إن لنا بئرا إذا كان الشتاء وسعنا ماؤها فاجتمعنا عليه، وإذا كان الصيف قل ماؤها فتفرقنا على مياه حولنا، وإنا لا نستطيع اليوم أن نتفرق، كل من حولنا عدو، فادع الله عز وجل أن يسعنا ماؤها، فدعا بسبع حصيات، ففرقهن في يده ودعا، ثم قال: " إذا أتيتموها فألقوا واحدة واحدة، واذكروا اسم الله عز وجل، فما استطاعوا أن ينظروا إلى قعرها بعدها.

39 - حدثنا جعفر قال حدثنا أبو جعفر محمد بن أحمد بن [ ص: 75 ] الجنيد، قال: حدثنا عبد الله بن نعيم الحضرمي - من أهل مصر - قال: حدثني زياد بن الحارث الصدائي، صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم بحديث، قال: فأتيت رسول الله فبايعته على الإسلام، فذكر الحديث نحوه، وقال: وذلك في بعض أسفاره ثم قال: إن رسول الله اعتشى من أول الليل فلزمته، وكنت قويا وكان أصحابه ينقطعون عنه، وذكرنا في الحديث مثله في معناه.

التالي السابق


الخدمات العلمية