الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
18 - حدثنا جعفر حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة، حدثنا عبد الرحمن بن محمد المحاربي، عن عبد الواحد بن أيمن، عن أبيه، قال: قلت لجابر بن عبد الله: حدثني بحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أرويه عنك، قال جابر: كنا مع رسول الله يوم الخندق نحفر، فلبثنا ثلاثة أيام لا نطعم شيئا ولا نقدر عليه، فعرضت كدية في الخندق، فجئت إلى رسول الله، فقلت: هذه كدية قد عرضت في الخندق فرششنا عليها الماء، قال: فقام رسول الله وبطنه معصوب بحجر، وأخذ المعول - أو [ ص: 52 ] المسحاة - ثم سمى لنا، ثم ضرب فعادت كثيبا أهيل، فلما رأيت ذلك من رسول الله قلت: يا رسول الله ائذن لي، قال: فأذن لي، فجئت امرأتي فقلت: ثكلتك أمك، إني قد رأيت من رسول الله صلى الله عليه وسلم شيئا لا صبر عليه فما عندك؟ قالت: عندي صاع من شعير وعناق، قال: فطحنا الشعير وذبحنا العناق وأصلحناها، وجعلناها في البرمة، وعجنت الشعير، ثم جئت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فلبثت ساعة، ثم استأذنت الثانية فأذن لي، فجئت، فإذا العجين قد أمكن، فأمرتها بالخبز وجعلت القدر على الأثافي، فجئت رسول الله فساررته فقلت: إن عندنا طعما لنا، فإن رأيت أن تقوم معي أنت ورجل أو رجلان معك فعلت، قال: "وما هو وكم هو؟" قلت: صاع من شعير، وعناق، قال: " ارجع إلى أهلك، فقل لها: لا تنزع البرمة من الأثافي، ولا تخرج الخبز من التنور حتى آتي "، ثم قال للناس: "قوموا إلى بيت جابر" ، قال: فاستحييت حياء لا يعلمه إلا الله عز وجل، قال: فقلت لامرأتي: ثكلتك أمك، قد جاء رسول الله وأصحابه أجمعين، فقالت: أكان سألك كم الطعام؟ قلت: نعم، قالت: فالله ورسوله أعلم، قد أخبرته بما كان عندنا، قال: فذهب عني بعض ما أجد، قلت: صدقت، فجاء رسول الله صلى الله عليه وسلم فدخل، ثم قال لأصحابه: "لا [ ص: 53 ] تضاغطوا" قال: ثم برك على التنور وعلى البرمة قال: "فجعلنا نأخذ من التنور الخبز ونأخذ اللحم من البرمة فيثرد ويغرف ويقرب إليهم" ، وقال رسول الله: "ليجلس على الصحفة سبعة أو ثمانية" ، قال: فلما أكلوا، كشفنا التنور والبرمة، فإذا هما قد عادا إلى أملأ مما كان فيثرد ويغرف ويقرب إليهم، فلم يزل يفعل ذلك كلما فتحنا التنور وكشفنا عن البرمة وجدناها أملأ مما كان حتى شبع المسلمون كلهم وبقي طائفة من الطعام، فقال لنا رسول الله: "إن الناس قد أصابهم مخمصة، فكلوا وأطعموا" فلم نزل يومنا نأكل ونطعم قال: وأخبرني "أنهم كانوا ثمانمائة أو ثلاثمائة". [ ص: 54 ] [ ص: 55 ]

التالي السابق


الخدمات العلمية