الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
معلومات الكتاب

مكارم الأخلاق ومعاليها ومحمود طرائقها

الخرائطي - محمد بن جعفر بن سهل السامري الخرائطي

137 - حدثنا عمران بن موسى ، أو غيره قال : " أهدر المهدي دم رجل من أهل الكوفة كان يسعى في فساد الدولة ، وبذل لمن دل عليه مائة ألف درهم ، فاستخفى الرجل حينا ، ثم خرج إلى مدينة السلام ، فكان كالمستخفي ، فإنه لفي بعض طرقات المدينة ، إذ بصر به رجل قد كان عرف حاله ، فأهوى إلى مجامع ثوبه ، وصاح : هذا فلان ، طلبة أمير المؤمنين فبينما الرجل على تلك الحال ، إذ سمع وقع حوافر الدواب ، فالتفت ، فإذا هو بموكب كثير الغاشية ، فقال : من هذا ؟ فقالوا : معن بن زائدة قال : وما يكنى ؟ قالوا : يكنى بأبي الوليد فلما حاذاه قال : يا أبا الوليد ، خائف فأجره ، وميت فأحيه فوقف معن في موكبه ، وسأل عن حاله ، فقال صاحبه : هذا طلبه أمير المؤمنين ، قد جعل لمن جاء به مائة ألف درهم قال : فأعلم أمير المؤمنين أني قد أجرته وقال لبعض غلمانه : انزل عن دابتك ، وأركب أخانا فركب ، وانطلق به إلى منزله ، ومضى الرجل إلى باب المهدي ، فإذا سلام الأبرش يريد الدخول إليه ، فقص عليه القصة ، فدخل سلام على المهدي ، فأخبره ، فقال : يحضره معن فجاءته الرسل ، فركب ، وأوصى به حاشيته ومن ببابه من مواليه ، وقال : لا يخلص إليه وفيكم عين تطرف ، فإن رامه أحد فموتوا دونه ودخل معن على المهدي ، فسلم ، فلم يرد عليه ، وقال : يا معن ، وتجير علي أيضا ؟ قال : نعم قال : ونعم أيضا ؟ قال : نعم يا أمير المؤمنين ، قتلت في طاعتكم وعن دولتكم أربعة آلاف مصل في يوم واحد ، ولا يجار لي رجل واحد استجار بي ؟ فأطرق المهدي طويلا ، ثم رفع رأسه ، وقال : قد أجرنا من أجرت قال : يا أمير المؤمنين ، إن الرجل ضعيف الحال قال : [ ص: 61 ] قد أمرنا له بثلاثين ألف درهم قال : إن جنايته عظيمة ، وصلات الخلفاء على حسب جنايات الرعية قال : قد أمرنا له بمائة ألف درهم قال : أهنأ المعروف أعجله قال : يتقدمه ما أمرنا له به فانصرف معن ، وقد سبقه المال ، فأحضر الرجل ، وقال له : ادع لأمير المؤمنين ؛ فقد حقن دمك ، وأجزل صلتك ، وأصلح نيتك فيما يستقبل " .

التالي السابق


الخدمات العلمية