الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
        صفحة جزء
        61 - فإن قيل : فالحجة إذا مستند الإجماع مقدرا ، وليس الإجماع في نفسه دليلا .

        قلنا : الآن لما انكشف الغطاء وبرح الخفاء ، فالحق المتبع أن الإجماع في نفسه ليس حجة ، إذ لا يتصور من المجمعين الاستقلال بإنشاء حكم من تلقاء أنفسهم ، وإنما يعتقد فيهم العثور على أمر [ ص: 53 ] جمعهم على الإجماع ، فهو المعتمد والإجماع مشعر به .

        وليس قول المجمعين بأعلى منصبا من قول المصطفى .

        ولا يستريب محصل أن قول الرسول - صلى الله عليه وسلم - لا يستقل دليلا ، ولا ينهض بنفسه إلى الحق سبيلا ، ولكن المعجزة شهدت بعصمته ، وصدق لهجته فيما ينقله عن إله الخلق .

        فالعقول والنهى قاضية بأن إلى الله المنتهى ، فأمره المطاع حقا ، والرسل مبلغون عنه صدقا ، والإجماع مشعر بحجة تقدم الوفاق سبقا .

        62 - فلينظر الموفق اللبيب إلى هذا الترتيب العجيب : قدمنا وجه الإشكال ، وضيق المجال في صيغة سؤال ، ثم افتتحنا في إثبات الإجماع قاعدة لم نسبق إليها ، ولم نزحم عليها ، ثم لم نبد المقصود دفعة واحدة ، هجوما في إثبات الإجماع ، بل رأينا أن نجعل المسالك إلى مدارك الحق وظائف مترتبة ونجوما ، واشتملت الأسئلة المدرجة في أثناء الكلام على الانتهاء إلى معاصات الإشكال ، [ ص: 54 ] وانطوت طرق الانفصال على إيضاح الحق في صيغة هي السحر الحلال ، ثم لما فضضنا ختام كل مبهم مجمل ، نصصنا على الغرض وطبقنا المفصل .

        وقد تجاوزنا حد الاقتصاد قليلا ; فإنا لم نجد للمسائل القطعية في الإمامة سوى الإجماع تعويلا ، فآثرنا أن نورد في إثباته كلاما بالغا ينجح به المنتهي ، ويستقل به الشادي المبتدي .

        التالي السابق


        الخدمات العلمية