الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                صفحة جزء
                                                                                                                فروع أحد عشر :

                                                                                                                الأول : في الجواهر : التراب المطروح عمدا في الماء لا يسلبه الطهورية إلحاقا للطارئ بالأصلي ، وقيل لا يلحق به لفارق الضرورة .

                                                                                                                الثاني : الملح ملحق بالتراب عند ابن أبي زيد ، وبالأطعمة عن الشيخ أبي الحسن ، وقيل : المعدني كالتراب نظرا إلى الأصل ، والمصنوع كالطعام لإضافة غيره إليه غالبا .

                                                                                                                الثالث : قال : الملازم للماء إذا اختص ببعض المياه قيل : ليس يطهر لعدم العموم ، وقيل : مطهر لعدم الانفكاك .

                                                                                                                الرابع : قال : الماء القليل إذا وقع فيه طاهر لم يغيره قال أبو الحسن القابسي : يسلبه التطهير كما قال ابن القاسم في النجاسة مع الماء القليل ، والمذهب خلافه .

                                                                                                                الخامس : من الطراز : المسخن بالشمس مكروه ، وقاله ش خلافا ح ، وذلك من جهة الطب لما رواه مالك - رضي الله عنه - عن عائشة رضي الله عنها أنه عليه السلام دخل عليها ، وقد سخنت ماء في الشمس ، فقال عليه السلام : لا تفعلي هذا يا حميراء ، فإنه يورث البرص . ونحوه عن عمر - رضي الله عنه - قال عبد الحق : ولم يصح فيه حديث قال الغزالي : يخرج من الإناء في الشمس مثل الهباء بسبب التشميس في النحاس والرصاص ، فيعلق بالأجسام ، فيورث البرص ، ولا يكون ذلك في الذهب والفضة لصفائهما ، وقال ابن الحاجب : والمسخن بالنار والشمس كغيره .

                                                                                                                [ ص: 171 ] السادس : قال في الكتاب : يجوز الوضوء بما يقع البصاق فيه ، والمخاط ، وخشاش الأرض مثل الزنبور ، والعقرب ، والصرار ، وبنات وردان . من التنبيهات : الخشاش بفتح الخاء وكسرها وضمها ، وتخفيف الشين المعجمة ، وهو صغار دواب الأرض ، والزنبور بضم الزاي ، والخنفساء بضم الخاء ممدودة ، والصرار بالصاد المهملة ، وتشديد الراء الأولى سمي بذلك لما يسمع من صوته ، فإن لم تفرق أجزاء ذلك ، أو يطول مكثه ، فما وقع فيه طاهر ، فإن تفرق ، أو طال مكثه ، فالماء مضاف ، وقال أشهب ينجس .

                                                                                                                وأما الطعام ، فإن تفرق فيه أو غلب ، فلا يؤكل لاحتياجه إلى الذكاة ، وقيل يؤكل لعدم احتياجه إليها على الخلاف .

                                                                                                                السابع : قال المازري في شرح التلقين : إذا شك فيما يفسد الماء ، فالأصل بقاؤه على الطهورية ، وقد نهى مالك - رحمه الله - عن استعمال البئر القريبة من المراحيض ، فقال تترك يومين ، أو ثلاثة ، فإن طابت ، وإلا تركت ، ووجهه : أن الظاهر إضافة التغير إلى المراحيض .

                                                                                                                الثامن : من الطراز : إذا راعينا وصف الماء دون مخالطه ، وكان معه دون الماء الكافي ، فكمله بماء ريحان أو نحوه مما لا يتغير به ، فهل يتطهر به لعدم التغير ، أو لا يتطهر به لكونه متطهرا بغير الماء المطلق جزما ، وهو الطاهر ، وفرق بعض الشافعية بين هذه ، وبين ما إذا خلط بما يكفيه مائعا لم يغيره ، وتوضأ به ، وفضل قدر ذلك المائع أنه يجزيه ، وقال بعضهم : لا يجزئ . قال صاحب تهذيب الطالب : قال الشيخ أبو الحسن : إذا دهن الدلو الجديد بالزيت ، واستنجى منه لا يجزيه ، فيغسل ما أصاب من ثيابه لأن المضاف عنده لا يجزئ في غسل النجاسات ، وقال ابن أبي زيد : يعيد الاستنجاء دون غسل ثيابه لاختلاف الناس في المضاف قال : واختلف الأصحاب هل يزيل المضاف حكم النجاسة أو عينها فقط ، وهو [ ص: 172 ] الصواب لأنه لا يتوضأ به ، ومن أزال به حكم النجاسة ، فلضعفها لإزالتها بغير نية ، والاختلاف في وجوبها مع الاختلاف في المضاف هل يرفع الحدث أم لا ، وأما قول من ينجس الثياب ببل موضع النجاسة إذا زال عينها ، فبعيد لأن الباقي في الموضع حكم ليس لعين ، فلا ينجس إنما تنجس الأعيان .

                                                                                                                التاسع : منه أيضا القطران تبقى رائحته في الوعاء ، وليس له جسم يخالط الماء لا بأس به للحاجة إليه في البوادي .

                                                                                                                العاشر : منه أيضا الحشيش ، وورق الشجر يتساقط في الماء ، فيغيره لا بأس به عند العراقيين منا .

                                                                                                                الحادي عشر : قال : إذا وقعت في الماء الكثير نجاسة ، أو عين طاهرة ، وبقي على أصل خلقته ، فهو مطهر ، ولا يشترط وصوله القلتين خلافا ش لأن الاستدلال بحديث القلتين ، وإن صححناه ، فهو بالمفهوم ، واستدلالنا بظاهر القرآن وحديث بئر بضاعة استدلال بالمنطوق ، وهو مقدم على المفهوم إجماعا ، وإذا ظهر بطلان مذهب الشافعي ، فمذهب أبي حنيفة بطريق الأولى في قوله : إن الماء وإن كان فوق القلتين ، ويمكن وصول النجاسة إلى أجزائه بالحركة ، فهو نجس لأن أدلتنا وأدلة الشافعي ترد عليه رضي الله عنهم أجمعين .

                                                                                                                التالي السابق


                                                                                                                الخدمات العلمية