الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                صفحة جزء
                                                                                                                الفصل التاسع : في لحن الخطاب ، وفحواه ، ودليله ، وتنبيهه ، واقتضائه ، ومفهومه .

                                                                                                                فلحن الخطاب هو : دلالة الاقتضاء ، وهو دلالة اللفظ التزاما على ما لا يستقل الحكم إلا به ، وإن كان اللفظ لا يقتضيه وضعا نحو قوله تعالى : ( فأوحينا إلى موسى أن اضرب بعصاك البحر فانفلق ) . تقديره ، فضرب ، فانفلق . وقوله تعالى : ( فأتيا فرعون ) . إلى قوله : ( قال ألم نربك فينا وليدا ) . تقديره ، فأتياه ، وقيل هو فحوى الخطاب ، وهو خلاف لفظي .

                                                                                                                [ ص: 63 ] قال القاضي عبد الوهاب : واللغة تقتضي الاصطلاحين ، وقال الباجي : هو دليل الخطاب ، وهو مفهوم المخالفة ، وهو إثبات نقيض حكم المنطوق به للمسكوت عنه .

                                                                                                                وهو عشرة أنواع :

                                                                                                                مفهوم العلة نحو : ما أسكر فهو حرام .

                                                                                                                ومفهوم الصفة نحو قوله عليه السلام : في سائمة الغنم الزكاة .

                                                                                                                والفرق بينهما أن العلة في الثاني الغنى ، والسوم مكمل له ، وفي الأول العلة عين المذكور .

                                                                                                                ومفهوم الشرط نحو : من تطهر صحت صلاته .

                                                                                                                ومفهوم الاستثناء نحو : قام القوم إلا زيدا .

                                                                                                                ومفهوم الغاية نحو : أتموا الصيام إلى الليل .

                                                                                                                ومفهوم الحصر نحو : إنما الماء من الماء .

                                                                                                                ومفهوم الزمان نحو : سافرت يوم الجمعة .

                                                                                                                ومفهوم المكان نحو : جلست أمام زيد .

                                                                                                                ومفهوم العدد نحو قوله تعالى : ( فاجلدوهم ثمانين جلدة ) .

                                                                                                                ومفهوم اللقب ، وهو : تعليق الحكم على مجرد أسماء الذوات . نحو : في الغنم الزكاة ، وهو أضعفها .

                                                                                                                وتنبيه الخطاب ، وهو مفهوم الموافقة عند القاضي عبد الوهاب ، أو المخالفة عند غيره ، وكلاهما فحوى الخطاب عند الباجي ، فترادف تنبيه الخطاب وفحواه .

                                                                                                                [ ص: 64 ] ومفهوم الموافقة لمعنى واحد ، وهو : إثبات حكم المنطوق به للمسكوت عنه بطريق الأولى كما يترادف مفهوم المخالفة ، ودليل الخطاب ، وتنبيهه .

                                                                                                                ومفهوم الموافقة نوعان : أحدهما : إثباته في الأكثر نحو قوله تعالى : ( فلا تقل لهما أف ) . فإنه يقتضي تحريم الضرب بطريق الأولى ، وثانيهما : إثباته في الأقل نحو قوله تعالى : ( ومن أهل الكتاب من إن تأمنه بقنطار يؤده إليك ) . فإنه يقتضي ثبوت الأمانة في الدرهم بطريق الأولى .

                                                                                                                التالي السابق


                                                                                                                الخدمات العلمية