الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                          صفحة جزء
                                                                                                                          وإن قال : له علي مال عظيم ، أو خطير ، أو كثير ، أو جليل . قبل تفسيره بالقليل والكثير وإن قال : له علي دراهم كثيرة . قبل تفسيرها بثلاثة فصاعدا وإن قال : له علي كذا درهم ، أو كذا وكذا ، أو كذا وكذا درهم ـ بالرفع ـ . لزمه درهم . وإن قال بالخفض ، لزمه بعض درهم يرجع في تفسيره إليه وإن قال : كذا درهما ـ بالنصب ـ لزمه درهم . وإن قال : كذا وكذا درهما ـ بالنصب ـ . فقال ابن حامد : يلزمه درهم . وقال أبو الحسن التميمي : يلزمه درهمان .

                                                                                                                          التالي السابق


                                                                                                                          ( وإن قال : له علي مال عظيم ، أو خطير ، أو كثير ، أو قليل . قبل تفسيره بالكثير والقليل ) من المال ; لأنه لا حد لذلك في لغة ولا شرع ولا عرف ، والناس يختلفون في ذلك ، ولأنه ما من مال إلا وهو عظيم كثير بالنسبة إلى ما [ ص: 359 ] دونه ، ويتوجه العرف ، وإن لم ينضبط ، كيسير اللقطة والدم الفاحش ، قال الشيخ تقي الدين : عرف المتكلم ، فيحمل مطلق كلامه على أقل محتملاته .

                                                                                                                          واختار ابن عقيل : في مال عظيم نصاب السرقة . وقال في خطير ونفيس : صفة لا يجوز إلغاؤها كتسليم .

                                                                                                                          وإن قال : عظيم عند الله قبل بالقليل .

                                                                                                                          وإن قال : عظيم عندي . احتمل كذلك ، واحتمل : يعتبر حاله ، فإن قال : له علي مال . ولم يصفه ، قبل تفسيره بأقل ما يتمول ; لأن اسم المال يقع عليه حقيقة وعرفا ويتمول عادة ، فقبل تفسيره به كالمال الزكوي . فإن فسره بأم ولد قبل . وقال ابن حمدان : ويحتمل رده .

                                                                                                                          ( وإن قال : له علي دراهم كثيرة . قبل تفسيرها بثلاثة ) كدراهم . نص عليه . ( فصاعدا ) لأن الثلاثة أقل الجمع .

                                                                                                                          قال في " الفروع " : ويتوجه فوق العشرة ; لأنه اللغة .

                                                                                                                          وقال ابن عقيل : لا بد للكثرة من زيادة ولو درهم ، إذ لا حد للوضع . كذا قال .

                                                                                                                          وفي " المذهب " : احتمال تسعة ; لأنه أكثر القليل ، وإن فسر ذلك بما يوزن بالدراهم عادة كإبريسم وزعفران ، ففي قبوله احتمالان . [ ص: 360 ] وإن قال : له علي بعض العشرة . فسره بما شاء منها . وإن قال : شطرها ، فنصفها . وقيل : ما شاء .

                                                                                                                          ( وإن قال : له علي كذا درهم ، أو كذا وكذا ، أو كذا وكذا درهم ـ بالرفع ـ . لزمه درهم ) في قول ابن حامد ، وجزم به في " المستوعب " و " الكافي " و " الشرح " و " الوجيز " ، وقدمه في " الفروع " ; لأن تقديره مع عدم التكرير شيء هو درهم ، فيجعل الدرهم بدلا من كذا . والتكرار للتأكيد لا يقتضي الزيادة ، كأنه قال : شيء شيء هو درهم . فالتكرار مع الواو بمنزلة قوله : شيئان هما درهم ; لأنه ذكر شيئين ، ثم أبدل منهما درهما ، فصار كأنه قال : هما درهم .

                                                                                                                          وقال التميمي : يلزمه مع التكرار درهمان . وقيل : درهم وبعض آخر ، ويفسره .

                                                                                                                          قال في " المحرر " : وهذا عندي إذا كان يعرف العربية ، فإن لم يعرفها لزمه بذلك درهم .

                                                                                                                          ( وإن قاله بالخفض ، لزمه بعض درهم يرجع في تفسيره إليه ) جزم به في " الكافي " و " الوجيز " ، وقدمه في " المحرر " و " الرعاية " ; لأن الدرهم مخفوض بالإضافة ، فيكون المعنى : له علي بعض درهم ؛ ولأنه إذا كرر يحتمل أن يكون أضاف جزءا إلى جزء ، ثم أضاف الجزء الأخير إلى الدرهم . [ ص: 361 ] وقال القاضي : يلزمه درهم . وقيل : يجب مع التكرار بالواو درهم وبعض آخر . وقال المجد : من جهل العربية يلزمه درهم .

                                                                                                                          قال القاضي : الإقرار لا يعتبر فيه العربية ، بدليل أنه لو قال : كذا درهم . ـ بالخفض ـ لم يلزمه مائة درهم ; لكونها أقل عدد يفسر بواحد مخفوض .

                                                                                                                          قال في " المستوعب " : وإنما لم تلزمه المائة ; لأن إقراره يحتمل المائة ، ويحتمل بعض درهم ، فحمل على الأقل ; لأنه اليقين . وما زاد لا يلزمه ; لأنه مشكوك فيه . ( وإن قال : كذا درهما ـ بالنصب ـ لزمه درهم ) لأن الدرهم وقع مميزا لما قبله ، والمميز مفسر .

                                                                                                                          وقال بعض النحاة : هو منصوب على القطع ، كأنه قطع ما ابتدأ به ، وأقر بدرهم .

                                                                                                                          فرع : إذا قال : له علي كذا درهم ـ بالوقف ـ قبل تفسيره بجزء درهم ، نصره في " الشرح " ، وقدمه في " الفروع " ; لأنه أسقط حركة الجر للوقف .

                                                                                                                          وقال القاضي : يلزمه درهم . واختار المجد : إن جهل العربية .

                                                                                                                          قال في " الفروع " : ويتوجه في عربي في كذا درهما : أحد عشر ; لأنه أقل عدد يميزه . ( وإن قال : كذا وكذا درهما ـ بالنصب ـ . فقال ابن حامد : يلزمه [ ص: 362 ] درهم ) وهو قول القاضي ، وقدمه في " الرعاية " ، وجزم به في " الوجيز " ; لأن كذا يحتمل أقل من درهم ، فإذا عطف عليه مثله ، ثم فسرهما بدرهم واحد ، جاز وكان كلاما صحيحا . ( وقال أبو الحسن التميمي : يلزمه درهمان ) لأنه ذكر جملتين فسرهما بدرهم ، فيعود التفسير إلى كل واحد منهما .

                                                                                                                          لقوله : عشرون درهما . وقيل : يلزمه درهم وبعض آخر ؛ لأنه جعل الدرهم تفسيرا لما يليه . والأولى باقية على إبهامها ، فيرجع في تفسيرها إليه . وإن قال : كذا وكذا درهما . لزمه أحد عشر ; لأنه أقل عدد مركب يفسر بالواحد . وإن قال : كذا وكذا . لزمه أحد وعشرون درهما ; لأنه أقل عدد عطف بعضه على بعض ، فيفسر بذلك .



                                                                                                                          الخدمات العلمية