الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
20726 9025 - (21232) - (5\135) عن أبي بن كعب، في قول الله عز وجل: ( وإذ أخذ ربك من بني آدم من ظهورهم ذريتهم وأشهدهم على أنفسهم الآية [الأعراف: 172] قال: "جمعهم فجعلهم أرواحا، ثم صورهم فاستنطقهم فتكلموا، ثم أخذ عليهم العهد والميثاق، وأشهدهم على أنفسهم، ألست بربكم؟ قال: فإني أشهد عليكم السماوات السبع والأرضين السبع، وأشهد عليكم أباكم آدم أن تقولوا يوم [ ص: 367 ] القيامة: لم نعلم بهذا، اعلموا أنه لا إله غيري، ولا رب غيري فلا تشركوا بي شيئا، وإني سأرسل إليكم رسلي يذكرونكم عهدي وميثاقي، وأنزل عليكم كتبي، قالوا: شهدنا بأنك ربنا وإلهنا، لا رب لنا غيرك، ولا إله لنا غيرك فأقروا بذلك، ورفع عليهم آدم ينظر إليهم، فرأى الغني والفقير، وحسن الصورة، ودون ذلك، فقال: رب لولا سويت بين عبادك؟ قال: إني أحببت أن أشكر. ورأى الأنبياء فيهم مثل السرج عليهم النور، خصوا بميثاق آخر في الرسالة والنبوة وهو قوله تعالى: وإذ أخذنا من النبيين ميثاقهم إلى قوله: ( عيسى ابن مريم ) [الأحزاب: 7] كان في تلك الأرواح فأرسله إلى مريم، فحدث عن أبي: أنه دخل من فيها.

التالي السابق


* قوله : "في قول الله - عز وجل - ": أي: في تفسيره.

* "أزواجا ": أي: أصنافا ، قيل: هي المبينة بقوله: "فرأى الغني والفقير" إلى آخره.

* "ثم صورهم": أي: أعطاهم صورا ينطقون بها.

* "فإني أشهد عليكم. . . إلخ": قيل: إشارة إلى نصب الدلائل الظاهرة والآيات الباهرة، وقوله: "وأشهد عليكم أباكم" إلى قوله: "يذكرونكم عهدي" إشارة إلى النصوص الشاهدة والتنبيهات من الرسل المبعوثين إليهم.

* "أن تقولوا. . . إلخ": أي: كراهة أن تقولوا، أو لئلا تقولوا، علة للإشهاد، فكأنه قال: نصبت الأدلة الظاهرة، وبعثت الرسل المذكرين؛ كراهة أن تعتذروا يوم القيامة بالغفلة.

* "ورفع": - على بناء المفعول - أي: أظهر من فوق.

* "ينظر": حال، ويجوز أن يكون مفعولا له بتقدير "أن" كذا قيل.

قلت: ويجوز أن يكون حمله على مستأنفة في موضع التعليل؛ كأنه قيل: ماذا يفعل؟ فقيل: ينظر.

[ ص: 368 ]

"أن أشكر": - على بناء المفعول - أي: ولا يحصل منهم الشكر على النعمة إلا إذا عرفوها بضدها، ومن هنا قيل: الأشياء تعرف بأضدادها، ولذا ترى النعم العامة وإن عظمت؛ كخروج الخارج من المخرجين، قل من يعتني بها، ويرى لها شكرا على نفسه لمولاه.

"مثل السرج": جمع سراج؛ كالكتب جمع كتاب.

* "كان": أي: روح عيسى.

"أنه دخل": أي: في بطنها.

"من فيها": أي: فمها.

* * *




الخدمات العلمية