الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
21080 9198 - (21590) - (5\183) عن عبد الرحمن بن أبان بن عثمان، عن أبيه، أن زيد بن ثابت، خرج من عند مروان نحوا من نصف النهار، فقلنا: ما بعث إليه الساعة إلا لشيء سأله عنه. فقمت إليه فسألته، فقال: أجل، سألنا عن أشياء سمعتها من رسول الله صلى الله عليه وسلم، سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: " نضر الله امرأ سمع منا حديثا، فحفظه حتى يبلغه غيره، فإنه رب حامل فقه ليس بفقيه، ورب حامل فقه إلى من هو أفقه منه " " ثلاث خصال لا يغل عليهن قلب مسلم أبدا: إخلاص العمل لله، ومناصحة ولاة الأمر، ولزوم الجماعة، فإن دعوتهم تحيط من ورائهم " وقال: "من كان همه الآخرة، جمع الله شمله، وجعل غناه في قلبه، وأتته الدنيا وهي راغمة، ومن كانت نيته الدنيا، فرق الله عليه ضيعته، وجعل فقره بين عينيه، ولم يأته من الدنيا إلا ما كتب له " وسألنا عن الصلاة الوسطى، وهي الظهر.

[ ص: 473 ]

التالي السابق


[ ص: 473 ] * قوله : "نضر الله امرأ": التخفيف أجود من التشديد - لكن المشهور عند أهل الحديث هو - التشديد - وهو دعاء له بحسن الوجه، وقال ابن عيينة: ما من أحد يطلب الحديث، إلا وفي وجهه نضرة؛ لهذا الحديث.

* "فإنه رب حامل فقه": تعليل لوجوب التبليغ، والمراد بحامل الفقه: حافظ الأدلة التي يستنبط منها الفقه.

* "غير فقيه": أي: غير قادر على استنباط الفقه من تلك الأدلة.

* "إلى من هو أفقه": أي: هو فقيه أيضا، لكن يحمل الفقه إلى أفقه منه؛ بأن كان الذي يسمع منه أفقه منه، وأقدر على الاستنباط.

* "لا يغل": - بكسر الغين المعجمة وتشديد اللام - على المشهور، والياء تحتمل - الضم والفتح - فعلى الأول من أغل: إذا خاف، وعلى الثاني من غل إذا صار ذا حقد وعداوة. و"عليهن": في موضع الحال؛ أي: ثلاث لا يدخلن قلب المؤمن، أو لا يدخل فيه الحقد كائنا عليهن؛ أي: ما دام المؤمن على هذه الخصال الثلاث لا يدخل في قلبه خيانة أو حقد يمنعه من التبليغ، فينبغي له الثبات على هذه الخصال، حتى لا يمنعه شيء من التبليغ، وبهذا ظهر مناسبة هذه الجملة بما قبلها.

* "إخلاص العمل لله": أي: جعل العمل خالصا لله لا لغيره؛ من محبة أو عداوة.

* "ومناصحة ولاة الأمر": أي: إرادة الخير، ولو للأئمة، وفيه أنه إذا [أراد] الخير للأئمة، فذاك يكفي في إرادة الخير لعموم الرعية؛ لأن فساد الرعايا تتعدى آثاره إليهم.

[ ص: 474 ]

* "دعوتهم": أي: دعوة الجماعة تشمل الكل.

* "وأتته الدنيا": أي: ما قدر له منها.

* "ضيعته": أي: كسبه؛ فإنه يدخل في أوديتها لها، فيتفرق سعيه بلا ريب.

* "وهي الظهر": مقتضى الأحاديث أنها العصر، وعليه الجمهور.

* * *




الخدمات العلمية