الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                        صفحة جزء
                                                                                        3500 حدثنا أبو عبد الرحمن المقري ، ثنا داود أبو بحر ، عن صهر له يقال له مسلم بن مسلم ، عن مورق العجلي ، عن عبيد بن عمير قال : قال عبادة بن الصامت رضي الله عنه : " إذا قام أحدكم من الليل فليجهر بقراءته ، فإنه يطير بجهر قراءته الشيطان وفساق الجن ، وإن الملائكة في الهواء وسكان الدار يستمعون لقراءته ويصلون بصلاته ، فإذا مضت هذه الليلة وأقبلت الملائكة المستأنفة فتقول : نبهيه لساعته ، وكوني عليه خفيفة ، فإذا حضرته الوفاة جاء القرآن فوقف عند رأسه وهم يغسلونه ، فإذا فرغ منه ، دخل حتى صار بين صدره وكفنه ، فإذا وضع في حفرته وجاءه منكر ونكير ، خرج القرآن حتى صار بينه وبينهما ، فيقولان له : إليك عنا ، فإنا نريد أن نسأله ، فيقول : والله ما أنا بمفارقه

                                                                                        [ ص: 403 ] قال أبو عبد الرحمن : وفي كتاب معاوية بن حماد إلى هذا الحرف : حتى أدخله الجنة ، فإن كنتما أمرتما فيه بشيء فشأنكما به ، ثم ينظر إليه فيقول : هل تعرفني ؟ فيقول : لا والله ، فيقول : أنا القرآن الذي كنت أسهر ليلك وأظمئ نهارك وأمنعك شهوتك وسمعك وبصرك ، فتجدني من الأخلاء خليل صدق ، ومن الإخوان أخا صدق ، فأبشر ، فما عليك بعد مسألة من منكر ونكير من هم ولا حزن ، ثم يخرجان عنه ، فيصعد القرآن إلى ربه فيسأل له فراشا ودثارا . قال : فيؤمر له بفراش ودثار وقنديل من الجنة ، وياسمين من ياسمين الجنة ، فيحمله ألف ملك من مقربي السماء الدنيا قال : فيسبقهم إليه القرآن فيقول : هل استوحشت بعدي ؟ فإني لم أزل بربي الذي خرجت منه ، حتى آمر لك بفراش ودثار ، ونور من نور الجنة ، فتدخل عليه الملائكة ، فيحملونه ويفرشون ذلك الفراش تحته ، ويضعون الدثار تحت قلبه ، والياسمين عند صدره ، ثم يحملونه حتى يضعونه على شقه الأيمن ، ثم يصعدون عنه فيستلقي عليه ، فلا يزال ينظر إلى الملائكة حتى يلحقوا [ ص: 404 ] في السماء ، ثم يرفع القرآن في ناحية القبر فيوسع عليه ما شاء أن يوسع من ذلك .

                                                                                        قال أبو عبد الرحمن : وكان في كتاب معاوية بن حماد إلي ، فيوسع مسيرة أربعمائة عام ، ثم يحمل الياسمين من عند صدره فيجعله عند أنفه ، فيشمه غضا إلى يوم ينفخ في الصور ، ثم يأتي أهله في كل يومين مرة أو مرتين فيأتيه بخبرهم فيدعو لهم بالخير والإقبال ، فإن تعلم أحد من ولده القرآن بشره بذلك وإن كان عقبه عقيب سوء ، أتى الدار غدوة وعشية فبكى عليه إلى يوم ينفخ في الصور أو كما قال
                                                                                        " .

                                                                                        [ ص: 405 ]

                                                                                        التالي السابق


                                                                                        الخدمات العلمية