الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
وإذا اقتسم الورثة دارا بينهم وأشهدوا على أنفسهم بالقسمة ، ثم ادعت امرأة الميت مهرها وأقامت عليه البينة فلها أن تنقض القسمة ولا يكون قسمتها وإقرارها بالميراث خروجا من دينها ; لأن دين الوارث كدين أجنبي آخر وللورثة أن يقضوا الدين من مال آخر لهم فيستخلصوا التركة لأنفسهم فهي إنما وافقت معهم في القسمة على أن يقضوا مهرها من محل آخر فلا يكون ذلك منها إبراء للميت عن المهر ولا إقرارا بأنه لا دين لها ويكون لها أن تنقض القسمة ; لأن القسمة لا تنفذ إلا بشرط قضاء الدين وإجازة الغريم القسمة قبل أن يصل إليه الدين لا يكون معتبرا بل وجود ذلك كعدمه ; لأن تقديم قضاء الدين لحق الميت لا لحق الغريم خاصة فإذا لم يقضوا دينها كان لها أن تنقض القسمة ، وكذلك لو ادعى وارث آخر دينا على الميت فهو والمهر سواء ولو أن [ ص: 61 ] وارثا ادعى وصية لابن له صغير له الثلث وأقام البينة وقسموا الدار فإن هذه القسمة لا تبطل حق ابنه في الوصية ; لأن الأب لو أراد أن يرد هذه الوصية أو يبطل حق ابنه عنها بعد موت الموصي لا يملك ذلك ، فكذلك مساعد الورثة على القسمة لا يبطل حق ابنه في الوصية إلا أن الأب ليس له أن يطلب وصية ابنه ولا أن يبطل القسمة لأن القسمة تمت به ومن سعى في نقض ما قد تم ضل سعيه وإقدامه على القسمة معهم إقرار بأنه لا وصية لابنه ; لما بينا أن الموصى له بالثلث شريك الورثة في العين فالقسمة لا تصح بدون تميز حقه فيكون إقدامه على القسمة مع الورثة إقرارا بأنه لا وصية لابنه بخلاف الدين فإن قضاء حق الغريم من محل آخر جائز ولا يصير هو بدعوى الدين بعد القسمة مناقضا أو ساعيا في نقض ما قد تم به ويصير بدعوى الوصية لابنه مناقضا في كلامه فلا تسمع دعواه وللابن إذا كبر أن يطلب حقه ويرد القسمة .

التالي السابق


الخدمات العلمية