الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
27068 11177 - (27615) - (6\461 - 462) عن عبيد الله بن علي بن أبي رافع، عن أبيه، عن أم سلمى ، قالت: اشتكت فاطمة شكواها التي قبضت فيها، فكنت أمرضها، فأصبحت يوما كأمثل ما رأيتها في شكواها تلك، قالت: وخرج علي لبعض حاجته، فقالت: " يا أمه اسكبي لي غسلا" فاغتسلت كأحسن ما رأيتها تغتسل، ثم قالت: " يا أمه أعطيني ثيابي الجدد "، فأعطيتها فلبستها، ثم قالت: " يا أمه قدمي لي فراشي وسط البيت " ففعلت، واضطجعت، واستقبلت القبلة، وجعلت يدها تحت خدها ثم قالت: " يا أمه إني مقبوضة الآن، وقد تطهرت الآن ، فلا يكشفني أحد " فقبضت مكانها قالت: فجاء علي فأخبرته.

التالي السابق


* قوله: "أمرضها": من التمريض؛ أي: أخدمها في مرضها.

* "غسلا": - بضم المعجمة - : الماء يغتسل به.

[ ص: 186 ]

* "فجاء علي فأخبرته": وزاد في "القول المسدد": فقال؛ أي: علي: والله لا يكشفها أحد، فدفنها بغسلها ذلك، ثم قال: أورده ابن الجوزي في "الموضوعات" في آخر الكتاب من طريق عاصم بن علي، عن إبراهيم بن سعد، وقال: رواه نوح بن يزيد، والحكم بن أسلم عن إبراهيم أيضا، وقال: رواه عبد الرزاق عن معمر، عن عبد الله بن محمد بن عقيل مرسلا.

ثم قال في الكلام عليه: هذا الحديث لا يصح، أما عاصم بن علي، فقال يحيى بن معين: ليس بشيء، وأما نوح والحكم، فيتشيعان ، ثم هو من رواية ابن إسحاق، وهو مجروح.

قلت: وحمله في هذا الحديث على الثلاثة المذكورين يدل على أنه لم يروه في "المسند" غير أبي النضر، ومحمد بن جعفر، وكلاهما من رجال الصحيح، وأما حمله على محمد بن إسحاق، فلا طائل فيه؛ فإن الأئمة قبلوا حديثه، وأكثر ما عيب به التدليس والرواية عن المجهولين، وأما هو في نفسه فصدوق، وهو حجة في المغازي عند الجمهور، وشيخه عبد الله بن علي قال فيه أبو حاتم: شيخ لا بأس به، ومرسل عبد الله بن محمد بن عقيل يعضد رواية محمد بن إسحاق، وقد أخرجه الطبراني في "معجمه" من طريق عبد الرزاق، فكيف يتأتى الحكم عليه بالوضع؟ نعم هو مخالف لما رواه غيرها من أن عليا وأسماء بنت عميس غسلا فاطمة، وقد تعقب ذلك أيضا، وشرح ذلك يطول، إلا أن الحكم بوضعه غير مسلم، والله تعالى أعلم انتهى.

ولا يخفى أن الواجب هو الغسل بعد الموت، والاغتسال في الحياة لا يغني عنه، وهذا الحكم معلوم من الشريعة؛ بحيث لا يجهله العوام، فضلا عن فاطمة [ ص: 187 ] وعلي، فالحديث مشكل من جهة الحكم، كما هو ضعيف من حيث السند، ومخالف لرواية غيرها، وحين النظر إلى جميع ذلك يتقوى الحكم بوضعه، فلعل ابن الجوزي نظر إلى الجميع، فحكم بالوضع، والله تعالى أعلم.

* * *




الخدمات العلمية