الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                        [ ص: 422 ] 22609 - قال مالك : وإن لم يترك المتوفى أبا ، ولا جدا أبا أب ، ولا ولدا ولا ولد ابن ، ذكرا كان أو أنثى ، فإنه يفرض للأخت الواحدة للأب والأم ، النصف .

                                                                                                                        فإن كانتا اثنتين فما فوق ذلك من الأخوات للأب والأم ، فرض لهما الثلثان . فإن كان معهما أخ ذكر ، فلا فريضة لأحد من الأخوات واحدة كانت أو أكثر من ذلك ، ويبدأ بمن شركهم بفريضة مسماة ، فيعطون فرائضهم ، فما فضل بعد ذلك من شيء ، كان بين الإخوة للأب والأم ، للذكر مثل حظ الأنثيين .

                                                                                                                        إلا في فريضة واحدة فقط ، لم يكن لهم فيها شيء فاشتركوا فيها مع بني الأم [ ص: 423 ] في ثلثهم ، وتلك الفريضة المعروفة بالمشتركة هي امرأة توفيت ، وتركت زوجها ، وأمها ، وإخوتها لأمها ، وإخوتها لأمها وأبيها ، فكان لزوجها النصف ، ولأمها السدس ، ولإخوتها لأمها الثلث ، فلم يفضل شيء بعد ذلك ، فيشترك بنو الأب والأم في هذه الفريضة مع بني الأم في ثلثهم فيكون للذكر مثل حظ الأنثى من أجل أنهم كلهم إخوة المتوفى لأمه ، وإنما ورثوا بالأم ، وذلك أن الله تبارك تعالى قال في كتابهوإن كان رجل يورث كلالة أو امرأة وله أخ أو أخت فلكل واحد منهما السدس فإن كانوا أكثر من ذلك فهم شركاء في الثلث [ النساء : 12 ] فلذلك شركوا في هذه الفريضة ; لأنهم كلهم إخوة المتوفى لأمه .

                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                        22610 - قال أبو عمر : المشتركة عند العلماء بالفقه والفرائض هي : زوج وأم وأخوان لأم ، وأخ ، أو إخوة لأب وأم ، ومتى اجتمع في المسألة أربعة شروط فهي المشتركة ، وذلك أن يكون فيها زوج وأم ، أو جدة مكان الأم ، واثنان من الإخوة للأم فصاعدا ، وأخ أو إخوة لأب وأم .

                                                                                                                        22611 - وقد اختلف الصحابة - رضوان الله عليهم ومن بعدهم فيها .

                                                                                                                        [ ص: 424 ] 22612 - وكان عمر وعثمان يعطيان الزوج النصف ، والأم السدس ، والأخوة للأم الثلث يشركهم فيه ولد الأب والأم ، ذكرهم فيه وأنثاهم سواء .

                                                                                                                        22613 - وهي رواية أهل المدينة ، عن زيد بن ثابت .

                                                                                                                        22614 - وبه قال شريح ، ومسروق ، وسعيد بن المسيب ، ومحمد بن سيرين ، وطاوس ، وعمر بن عبد العزيز ، وإبراهيم النخعي ، ومالك ، والشافعي ، والثوري ، وشريك ، والنخعي ، وإسحاق بن راهويه .

                                                                                                                        22615 - وكان علي بن أبي طالب ، وأبي بن كعب ، وأبو موسى الأشعري لا يدخلون ولد الأب والأم مع ولد الأم ; لأنهم عصبة ، وقد اغترفت الفرائض المال ، فلم يبق لهم شيء .

                                                                                                                        22616 - وبه قال عامر الشعبي ، وأبو حنيفة ، وأصحابه ، وابن أبي ليلى ، ويحيى بن آدم ، وأحمد بن حنبل ، ونعيم بن حماد ، وأبو ثور ، وداود ، والطبري ، وجماعة من أهل العلم والفرائض .

                                                                                                                        22617 - وروي عن زيد بن ثابت ، وابن مسعود ، وابن عباس القولان جميعا .

                                                                                                                        22618 - والمشهور عن ابن عباس أنه لم يشرك .

                                                                                                                        22619 - والمشهور عن زيد أنه يشرك .

                                                                                                                        [ ص: 425 ] 22620 - وقال وكيع بن الجراح : اختلف فيها عن جميع الصحابة ، إلا عن علي - رضي الله عنهم - فإنه لم يختلف عليه عن أنه لم يشرك .

                                                                                                                        22621 - وروي عن عمر أنه قضى فيها فلم يشرك ، ثم قضى في العام الثاني فشرك .

                                                                                                                        22622 - وقال مالك على ما قضينا ، وهذا على ما قضينا ، وقد ذكرنا الخبر بذلك في كتاب " بيان العلم " والحمد لله .

                                                                                                                        22623 - وحجة من شرك واضحة ، لاشتراك الإخوة للأب والأم مع الإخوة للأم ، في أنهم كلهم بنو أم واحدة ، وحجة من لم يشرك : أن الإخوة للأب والأم عصبة ليسوا ذوي فروض ، والإخوة للأم فرضهم في الكتاب مذكور .

                                                                                                                        22624 - والعصبة إنما يرثون ما فضل عن ذوي الفروض ، ولم يفضل لهم في مسألة المشتركة شيء عن ذوي الفروض .

                                                                                                                        22625 - ومما يبين لك الحجة لهم في ذلك قول الجميع في زوج ، وأم ، وأخ لأم ، وعشرة إخوة أو نحوهم لأب وأم ، أن الأخ للأم يستحق السدس كاملا ، والسدس الباقي بين الإخوة من الأب والأم ، فنصيب كل واحد منهم أقل من نصيب الأخ للأم ، ولم يستحقوا بمساواتهم الأخ للأم في قرابة الأم أن يساووه في الميراث ، وكذلك لا ينبغي أن يكون الحكم في مسألة مشتركة ، وبالله التوفيق .




                                                                                                                        الخدمات العلمية