الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                  6845 46 - حدثنا عبد العزيز بن عبد الله ، حدثنا إبراهيم بن سعد ، عن ابن شهاب ، عن سعيد بن المسيب ، عن أبي هريرة رضي الله عنه ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : بعثت بجوامع الكلم ، ونصرت بالرعب ، وبينا أنا نائم رأيتني أتيت بمفاتيح خزائن الأرض فوضعت في يدي .

                                                                                                                                                                                  قال أبو هريرة : فقد ذهب رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنتم تلغثونها أو ترغثونها أو كلمة تشبهها .


                                                                                                                                                                                  التالي السابق


                                                                                                                                                                                  الترجمة جزء من الحديث ، وإبراهيم بن سعد بن إبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف يروي عن محمد بن مسلم بن شهاب الزهري ، والحديث من أفراده .

                                                                                                                                                                                  قوله : " ونصرت " على بناء المجهول ، قوله : " بالرعب " أي الخوف ، أي بمجرد الخبر الواصل إلى العدو يفزعون مني ويؤمنون ، قوله : " وبينا " أصله بين ، أشبعت فتحة النون فصارت ألفا ، ويضاف إلى جملة قوله : " رأيتني " بضم التاء المثناة أي رأيت نفسي ، قوله : " أتيت " على بناء المجهول أي أعطيت ، قوله : " فوضعت " أي مفاتيح خزائن الأرض بها فتح الله على أمته ، والخزائن جمع خزانة وهي الموضع الذي يخزن فيها .

                                                                                                                                                                                  قوله : " قال أبو هريرة " موصول بالسند المذكور أولا ، قوله : " فقد ذهب " أي مات ، قوله : " وأنتم تلغثونها " بلام ساكنة وغين معجمة مفتوحة ثم بثاء مثلثة مأخوذة من اللغيث بوزن عظيم وهو الطعام المخلوط بالشعير ، ذكره صاحب المحكم عن ثعلب ، والمراد تأكلونها كيفما اتفق ، ويقال : معنى تلغثونها تأكلونها يعني الدنيا من اللغيث وهو طعام يخلط بالشعير ، قوله : " أو ترغثونها " شك من الراوي وهو مثل تلغثونها [ ص: 25 ] ولكنه بالراء بدل اللام ، ومعناه ترضعونها من رغث الجدي أمه إذا رضعها ، قاله القزاز ، وقال أبو عبد الملك : أما باللام فلا نعرف له معنى وأما بالراء فمعناه ترضعونها ، يقال : ناقة رغوث أي غزيرة اللبن ، وكذلك الشاة ، وفي المنتهى لأبي المعالي اللغوي : لغث طعامه ولعث بالغين المعجمة والعين المهملة إذا فرقه ، قال : واللغيث ما يبقى في الكيل من الحب ، فعلى هذا المعنى : وأنتم تأخذون المال فتفرقونه بعد أن تحوزوه ، قوله : " أو كلمة تشبهها " أي : أو قال كلمة تشبه إحدى الكلمتين المذكورتين نحو تنتثلونها من الانتثال بتاء الافتعال ، أو تنثلونها من النثل بالنون والثاء المثلثة وهو الاستخراج ، يقال نثل كنانته إذا استخرج ما فيها من السهام ونثل جرابه إذا نفض ما فيه ، وقال الداودي : المحفوظ في هذا الحديث تنتثلونها ، وفي التلويح في بعض النسخ الصحيحة : " وأنتم تلعقونها " بعين مهملة ثم قاف ، قال بعضهم : وهو تصحيف ، ولو كان له بعض اتجاه ، قلت : مجرد دعوى التصحيف لا تسمع ، ولا يبعد لصحة المعنى .




                                                                                                                                                                                  الخدمات العلمية