الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                      صفحة جزء
                                                                                      وقال معمر ، عن الزهري ، عن عثمان الجزري ، عن مقسم أن النبي صلى الله عليه وسلم دعا على عتبة حين كسر رباعيته : اللهم لا تحل عليه الحول حتى يموت كافرا . فما حال عليه الحول حتى مات كافرا إلى النار . مرسل .

                                                                                      ابن وهب : أخبرنا عمرو بن الحارث ، قال : حدثني عمر بن السائب ، أنه بلغه أن والد أبي سعيد الخدري لما جرح النبي صلى الله عليه وسلم يوم أحد ، مص جرحه حتى أنقاه ولاح أبيض ، فقيل له : مجه . فقال : لا والله لا أمجه أبدا . ثم أدبر فقاتل ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : " من أراد أن ينظر إلى رجل من أهل الجنة ، فلينظر إلى هذا " . فاستشهد .

                                                                                      قال ابن إسحاق : قال حسان بن ثابت :


                                                                                      إذا الله جازى معشرا بفعالهم ونصرهم الرحمن رب المشارق     فأخزاك ربي يا عتيب بن مالك
                                                                                      ولقاك قبل الموت إحدى الصواعق     بسطت يمينا للنبي تعمدا
                                                                                      فأدميت فاه قطعت بالبوارق     فهلا ذكرت الله والمنزل
                                                                                      الذي تصير إليه عند إحدى البوائق

                                                                                      [ ص: 415 ] قال ابن إسحاق : وعن أبي سعيد الخدري ، أن عتبة كسر رباعية النبي صلى الله عليه وسلم اليمنى السفلى ، وجرح شفته السفلى ، وأن عبد الله بن شهاب شجه في جبهته ، وأن ابن قمئة جرح وجنته ، فدخلت حلقتان من حلق المغفر في وجنته ، ووقع صلى الله عليه وسلم في حفرة من الحفر التي عمل أبو عامر ليقع فيها المسلمون ، فأخذ علي بيد رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ورفعه طلحة حتى استوى قائما . ومص مالك بن سنان ، أبو أبي سعيد ، الدم عن وجهه ثم ازدرده ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : من مس دمه دمي لم تمسه النار . منقطع .

                                                                                      قال البكائي : قال ابن إسحاق : وحدثني عاصم بن عمر ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم رمى عن قوسه حتى اندقت سيتها ، فأخذها قتادة بن النعمان ، فكانت عنده . وأصيبت يومئذ عين قتادة ، حتى وقعت على وجنته . فحدثني عاصم بن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ردها بيده ، وكانت أحسن عينيه وأحدهما .

                                                                                      وقال الواقدي : حدثنا موسى بن يعقوب الزمعي ، عن عمته ، عن أمها ، عن المقداد بن عمرو قال : فربما رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم قائما يوم أحد يرمي عن قوسه ، ويرمي بالحجر ، حتى تحاجزوا ، وثبت رسول الله صلى الله عليه وسلم كما هو في عصابة صبروا معه .

                                                                                      هذان الحديثان ضعيفان ، وفيهما أنه رمى بالقوس .

                                                                                      وقال سليمان بن أحمد نزيل واسط : حدثنا محمد بن شعيب ، قال : سمعت إسحاق بن عبد الله بن أبي فروة ، يحدث عن عياض بن عبد الله بن سعد بن أبي سرح ، عن أبي سعيد الخدري ، عن قتادة بن النعمان ، وكان [ ص: 416 ] أخا أبي سعيد لأمه ، أن عينه ذهبت يوم أحد ، فجاء بها إلى النبي صلى الله عليه وسلم فردها ، فاستقامت .

                                                                                      وقال يحيى الحماني : حدثنا عبد الرحمن بن الغسيل ، عن عاصم بن عمر بن قتادة ، عن أبيه ، عن قتادة بن النعمان ، أنه أصيبت عينه يوم بدر ، فسالت حدقته على وجنته ، فأرادوا أن يقطعوها ، فسألوا النبي صلى الله عليه وسلم فقال : لا . فدعا به فغمز حدقته براحته . فكان لا يدري أي عينيه أصيبت .

                                                                                      كذا قال ابن الغسيل : يوم بدر .

                                                                                      وقال موسى بن عقبة : إن أبا حذيفة بن اليمان ، واسمه حسيل بن جبير حليف للأنصار ، أصابه المسلمون ، زعموا ، في المعركة لا يدرون من أصابه . فتصدق حذيفة بدمه على من أصابه .

                                                                                      قال موسى : وجميع من استشهد من المسلمين تسعة وأربعون رجلا .

                                                                                      وقتل من المشركين ستة عشرة رجلا .

                                                                                      وقال ابن لهيعة ، عن أبي الأسود ، عن عروة ، قال : حمل أبي بن خلف على النبي صلى الله عليه وسلم يريد قتله ، فاستقبله مصعب بن عمير ، فقتل مصعبا . وأبصر رسول الله صلى الله عليه وسلم ترقوة أبي فطعنه بحربته فوقع عن فرسه ، ولم يخرج منها دم فأتاه أصحابه فاحتملوه وهو يخور .

                                                                                      وروى نحوه الزهري ، عن ابن المسيب .

                                                                                      وذكره الواقدي ، عن يونس بن محمد ، عن عاصم بن عمر بن قتادة ، عن عبد الله بن كعب بن مالك ، عن أبيه .

                                                                                      قال الواقدي : وكان ابن عمر يقول : مات أبي ببطن رابغ ، فإني [ ص: 417 ] لأسير ببطن رابغ بعد هوي من الليل إذا نار تأجج لي فهبتها ، فإذا رجل يخرج منها في سلسلة يجتذبها يصيح : العطش . ورجل يقول : لا تسقه ، فإن هذا قتيل رسول الله صلى الله عليه وسلم ، هذا أبي بن خلف .

                                                                                      التالي السابق


                                                                                      الخدمات العلمية