الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
              صفحة جزء
              1303 - حدثنا أبو علي إسماعيل بن محمد الصفار ، قال : حدثنا أبو محمد خلف بن محمد كردوسي قال : حدثنا يعقوب بن محمد ، قال : حدثنا الزبير بن حبيب ، عن زيد بن أسلم ، قال : " والله ما قالت القدرية كما قال الله عز وجل ، ولا كما قالت الملائكة ، ولا كما قال النبيون ، ولا كما قال أهل الجنة ، ولا كما قال أهل النار ، ولا كما قال أخوهم إبليس .

              قال الله عز وجل وما تشاؤون إلا أن يشاء الله رب العالمين . وقالت الملائكة سبحانك لا علم لنا إلا ما علمتنا الآية . وقال شعيب عليه السلام وما يكون لنا أن نعود فيها إلا أن يشاء الله ربنا الآية .

              وقال أهل الجنة الحمد لله الذي هدانا لهذا وما كنا لنهتدي لولا أن هدانا الله .

              [ ص: 282 ] وقال أهل النار ربنا غلبت علينا شقوتنا وكنا قوما ضالين .

              وقال أخوهم إبليس رب بما أغويتني .

              قال الشيخ : فالقدرية المخذولة يسمعون هذا وأضعافه ، ويتلونه ويتلى عليهم ، فتأبى قلوبهم قبوله ، ويردونه كله ويجحدونه بغيا وعلوا وأنفة من الحق ، وتكبرا على الله عز وجل ، وعلى كتابه ، وعلى رسوله صلى الله عليه وسلم وعلى سنته ، وللشقوة المكتوبة عليهم ، فهم لا يسمعون إلا ما وافق أهواءهم ، ولا يصدقون من كتاب الله ولا من سنة نبيه إلا ما استحسنته آراؤهم ، فهم كما قال الله عز وجل ولو أننا نزلنا إليهم الملائكة وكلمهم الموتى وحشرنا عليهم كل شيء قبلا ما كانوا ليؤمنوا إلا أن يشاء الله ولكن أكثرهم يجهلون ، هم كما قال عز وجل صم بكم عمي فهم لا يعقلون .

              وهكذا القدري الخبيث الذي قد سلط الله عليه الشياطين ، يمدونهم في الغي ثم لا يقصرون ، تزجره بكتاب الله تعالى ، فلا ينزجر ، وسنة رسول الله ، فلا يذكر . [ ص: 283 ] وبقول الصحابة والتابعين وأئمة المسلمين فلا ينحسر ، وتضرب له الأمثال ، فلا يعتبر ، مصر على مذهبه الخبيث النجس الذي خالف فيه رب العالمين ، والملائكة المقربين ، والأنبياء والمرسلين ، والصحابة ، والتابعين ، وجميع فقهاء المسلمين ، وضارع فيه اليهود ، والنصارى ، والمجوس ، والصابئين ، فلم يجد أنيسا في طريقته ولا مصاحبا على مذهبه غيرهم ، أعاذنا الله وإياكم من مذاهب القدرية والأهواء الرديئة والبدع المهلكة المردية ، وجعلنا وإياكم للحق مصدقين ، وعن الباطل حائدين ، وثبتنا وإياكم على الدين الذي رضيه لنفسه واختص به من أحبه من عباده ، الذين علموا أن قلوبهم بيده ، وهممهم وحركاتهم في قبضته ، فلا يهمون ولا يتنفسون إلا بمشيئته ، فهم فقراء إليه في سلامة ما خولهم من نعمه ، يدعونه تضرعا وخفية كما أمرهم به من مسألته . ربنا لا تزغ قلوبنا بعد إذ هديتنا وهب لنا من لدنك رحمة إنك أنت الوهاب .

              التالي السابق


              الخدمات العلمية