الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                  168 ( وقال سفيان: هذا الفقه بعينه يقول الله تعالى: فلم تجدوا ماء فتيمموا وهذا ماء، وفي النفس منه شيء يتوضأ به ويتيمم ) .

                                                                                                                                                                                  التالي السابق


                                                                                                                                                                                  سفيان هذا هو الثوري ; لأن الوليد بن مسلم لما روى هذا الأثر الذي رواه الزهري ذكر عقيبه بقوله: فذكرت ذلك لسفيان الثوري فقال: هذا والله الفقه بعينه ولولا هذا التصريح لكان المتبادر إلى الذهن أنه سفيان بن عيينة ; لكونه معروفا بالرواية عن الزهري دون الثوري .

                                                                                                                                                                                  قوله: هذا الفقه بعينه أراد أن الحكم بأنه يتوضأ به هو المستفاد من قوله تعالى: فلم تجدوا ماء لأن قوله ماء نكرة في سياق النفي فتعم ولا تخص إلا بدليل. وسمى الثوري الأخذ بدلالة العموم فقها، فإن قلت: لما كان الاستدلال بالعموم فقها وكان مذكورا في القرآن، فلم قال: وفي النفس منه شيء؟ أي: دغدغة ولم رأى التيمم بعد الوضوء به؟

                                                                                                                                                                                  قلت: ربما يكون ذلك لعدم ظهور دلالته أو لوجود معارض له إما من القرآن أو غير ذلك، فلذلك قال: يتوضأ به ويتيمم لأن الماء الذي يشك فيه كالمعدوم. وقال الكرماني رحمه الله: ولا يخفى أن الواو بمعنى ثم; إذ التيمم بعد التوضؤ قطعا قلت: لا نسلم ذلك فإن هذا الوضع لا يشترط الترتيب، بل الشرط الجمع بينهما سواء قدم الوضوء أو أخره. قوله: فلم تجدوا ماء هذا نص القرآن، ووقع في رواية أبي الحسن القابسي، عن أبي زيد المروزي في حكاية قول سفيان يقول الله تعالى: فلم تجدوا ماء ، وكذا حكاه أبو نعيم في المستخرج على البخاري، وقال القابسي: قد ثبت ذلك في الأحكام لإسماعيل القاضي يعني: [ ص: 37 ] بإسناده إلى سفيان قال: وما أعرف من قرأ بذلك، وقال بعضهم: لعل الثوري رواه بالمعنى. قلت: لا يصح هذا أصلا; لأنه قلب كلام الله تعالى، والظاهر أنه سهو أو وقع غلطا.




                                                                                                                                                                                  الخدمات العلمية