الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                  185 ( وأمر جرير بن عبد الله أهله أن يتوضئوا بفضل سواكه ) .

                                                                                                                                                                                  التالي السابق


                                                                                                                                                                                  هذا الأثر غير مطابق للترجمة أصلا ، فإن الترجمة في استعمال فضل الماء الذي يفضل من المتوضئ ، والأثر هو الوضوء بفضل السواك ، ثم فضل السواك إن كان ما ذكره ابن التين وغيره : أنه هو الماء الذي ينتقع به السواك ، فلا مناسبة له للترجمة أصلا ; لأنه ليس بفضل الوضوء ، وإن كان المراد أنه الماء الذي يغمس فيه المتوضئ سواكه بعد الاستياك ، فكذلك لا يناسب الترجمة أصلا .

                                                                                                                                                                                  وقال بعضهم : أراد البخاري أن هذا الصنيع لا يغير الماء ، فلا يمنع التطهر به .

                                                                                                                                                                                  قلت : من له أدنى ذوق من الكلام لا يقول هذا الوجه في تطابق الأثر للترجمة .

                                                                                                                                                                                  وقال ابن المنير : إن قيل : ترجم على استعمال فضل الوضوء ، ثم ذكر [ ص: 74 ] حديث السواك والمجة ، فما وجهه ؟

                                                                                                                                                                                  قلت : مقصوده الرد على من زعم أن الماء المستعمل في الوضوء لا يتطهر به .

                                                                                                                                                                                  قلت : هذا الكلام أبعد من كلام ذلك القائل ، فأي دليل دل على أن الماء في خبر السواك والمجة فضل الوضوء ، وليس فضل الوضوء إلا الماء الذي يفضل من وضوء المتوضئ ، فإن كان لفظ فضل الوضوء عربيا فهذا معناه ، وإن كان غير عربي فلا تعلق له ها هنا .

                                                                                                                                                                                  وقال الكرماني : فضل السواك هو الماء الذي ينتقع فيه السواك ليترطب ، وسواكهم الأراك ، وهو لا يغير الماء .

                                                                                                                                                                                  قلت : بينت لك أن هذا كلام واه ، وأن فضل السواك لا يقال له فضل الوضوء ، وهذا لا ينكره إلا معاند ، ويمكن أن يقال بالجر الثقيل : إن المراد من فضل السواك هو الماء الذي في الظرف ، والمتوضئ يتوضأ منه ، وبعد فراغه من تسوكه عقيب فراغه من المضمضة يرمي السواك الملوث بالماء المستعمل فيه ، ثم أثر جرير المذكور وصله ابن أبي شيبة في ( مصنفه ) والدارقطني في ( سننه ) وغيرهما من طريق قيس بن أبي حازم عنه ، وفي بعض طرقه : كان جرير يستاك ويغمس رأس سواكه في الماء ، ثم يقول لأهله : توضئوا بفضله ، لا يرى به بأسا .




                                                                                                                                                                                  الخدمات العلمية