الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                          صفحة جزء
                                                          [ رها ]

                                                          رها : رها الشيء رهوا : سكن . وعيش راه : خصيب ساكن رافه . وخمس راه إذا كان سهلا . وكل ساكن لا يتحرك راه ورهو . وأرهى على نفسه : رفق بها وسكنها والأمر منه أره على نفسك أي : ارفق بها . ويقال : افعل ذلك رهوا أي : ساكنا على هينتك . الأصمعي : يقال لكل ساكن لا يتحرك ساج وراه وزاء . اللحياني : يقال ما أرهيت ذاك أي : ما تركته ساكنا . الأصمعي : يقال أره ذلك أي : دعه حتى يسكن ، قال والإرهاء الإسكان . والرهو : المطر الساكن ، ويقال : ما أرهيت إلا على نفسك أي : ما رفقت إلا بها . ورها البحر أي : سكن . وفي التنزيل العزيز : واترك البحر رهوا يعني تفرق الماء منه ، وقيل أي : ساكنا على هينتك ، وقال الزجاج : رهوا هنا يبسا ، وكذلك جاء في التفسير كما قال ( عز وجل ) : فاضرب لهم طريقا في البحر يبسا قال المثقب :


                                                          كالأجدل الطالب رهو القطا مستنشطا في العنق الأصيد



                                                          الأجدل : الصقر . وقال أبو سعيد : يقول دعه كما فلقته لك لأن الطريق في البحر ، كان رهوا بين فلقي البحر ، قال : ومن قال ساكنا فليس بشيء ، ولكن الرهو في السير هو اللين مع دوامه . قال ابن الأعرابي : واترك البحر رهوا قال : واسعا ما بين الطاقات ، قال الأزهري : رهوا ساكنا من نعت موسى أي : على هينتك ، قال : وأجود منه أن تجعل رهوا من نعت البحر ، وذلك أنه قام فرقاه ساكنين فقال لموسى : دع البحر قائما ماؤه ساكنا واعبر أنت البحر ، وقال خالد بن جنبة : رهوا أي : دمثا ، وهو السهل الذي ليس برمل ولا حزن . والرهو أيضا : الكثير الحركة ضد وقيل : الرهو الحركة نفسها . والرهو أيضا : السريع عن ابن الأعرابي : وأنشد :


                                                          فإن أهلك عمير فرب زحف     يشبه نقعه رهوا ضبابا



                                                          قال : وهذا قد يكون للساكن ويكون للسريع . وجاءت الخيل والإبل رهوا أي ساكنة ، وقيل : متتابعة . وغارة رهو متتابعة . ويقال : الناس رهو واحد ما بين كذا وكذا أي : متقاطرون . أبو عبيد في قوله :

                                                          يمشين رهوا

                                                          قال : هو سير سهل مستقيم . وفي حديث رافع بن خديج : أنه اشترى من رجل بعيرا ببعيرين دفع إليه أحدهما وقال آتيك بالآخر غدا رهوا ، يقول : آتيك به عفوا سهلا لا احتباس فيه ، وأنشد :


                                                          يمشين رهوا فلا الأعجاز خاذلة     ولا الصدور على الأعجاز تتكل



                                                          وامرأة رهو ورهوى : لا تمتنع من الفجور ، وقيل : هي التي ليست بمحمودة عند الجماع من غير أن يعين ذلك ، وقيل : هي الواسعة الهن ، وأنشد ابن بري لشاعر :


                                                          لقد ولدت أبا قابوس رهو     نئوم الفرج حمراء العجان



                                                          قال ابن الأعرابي وغيره : نزل المخبل السعدي ، وهو في بعض أسفاره ، على خليدة ابنة الزبرقان بن بدر وكان يهاجي أباها فعرفته ولم يعرفها ، فأتته بغسول فغسلت رأسه وأحسنت قراه وزودته عند الرحلة فقال لها : من أنت ؟ فقالت : وما تريد إلى اسمي ؟ قال : أريد أن أمدحك فما رأيت امرأة من العرب أكرم منك ! قالت : اسمي رهو ! قال : تالله ما رأيت امرأة شريفة سميت بهذا الاسم غيرك ، قالت : أنت سميتني به ، قال : وكيف ذلك ؟ قالت : أنا خليدة بنت الزبرقان ، وقد كان هجاها وزوجها هزالا في شعره فسماها رهوا ، وذلك قوله :


                                                          وأنكحت هزالا خليدة بعدما     زعمت برأس العين أنك قاتله
                                                          فأنكحتم رهوا كأن عجانها     مشق إهاب أوسع السلخ ناجله



                                                          فجعل على نفسه أن لا يهجوها ولا يهجو أباها أبدا ، واستحى وأنشأ يقول :


                                                          لقد زل رأيي في خليدة زلة     سأعتب قومي بعدها فأتوب
                                                          وأشهد والمستغفر الله أنني     كذبت عليها والهجاء كذوب



                                                          وقوله في حديث علي كرم الله وجهه يصف السماء : ونظم رهوات فرجها أي : المواضع المتفتحة منها ، وهي جمع رهوة . أبو عمرو : أرهى الرجل إذا تزوج بالرهاء ، وهي الخجام الواسعة العفلق . وأرهى : دام على أكل الرهو ، وهو الكركي . وأرهى : أدام لضيفانه الطعام سخاء . وأرهى : صادف موضعا رهاء أي : واسعا . وبئر رهو : واسعة الفم . والرهو : مستنقع الماء ، وقيل : هو مستنقع الماء من الجوب خاصة . أبو سعيد : الرهو ما اطمأن من الأرض وارتفع ما حوله . والرهو : الجوبة تكون في محلة القوم يسيل إليها المطر ، وفي الصحاح : يسيل فيها المطر أو غيره . وفي الحديث : أنه [ ص: 250 ] قضى أن لا شفعة في فناء ولا طريق ولا منقبة ولا ركح ولا رهو ، والجمع رهاء . قال ابن بري : الفناء فناء الدار ، وهو ما امتد معها من جوانبها ، والمنقبة الطريق بين الدارين ، والركح ناحية البيت من ورائه وربما كان فضاء لا بناء فيه . والرهو الجوبة التي تكون في محلة القوم يسيل إليها مياههم ، قال : والمعنى في الحديث أن من لم يكن مشاركا إلا في واحد من هؤلاء الخمسة لم يستحق بهذه المشاركة شفعة حتى يكون شريكا في عين العقار والدور والمنازل التي هذه الأشياء من حقوقها ، وأن واحدا من هذه الأشياء لا يوجب له شفعة ، وهذا قول أهل المدينة ; لأنهم لا يوجبون الشفعة إلا للشريك المخالط ، وأما قوله عليه السلام : لا يمنع نقع البئر ولا رهو الماء ، ويروى : لا يباع ، فإن الرهو هنا المستنقع ، وقد يجوز أن يكون الماء الواسع المتفجر ، والحديث نهى أن يباع رهو الماء أو يمنع رهو الماء ، قال ابن الأثير : أراد مجتمعه سمي رهوا باسم الموضع الذي هو فيه لانخفاضه ، والرهو : حفير يجمع فيه الماء . والرهو : الواسع . والرهاء : الواسع من الأرض المستوي قلما يخلو من السراب . ورهاء كل شيء : مستواه . وطريق رهاء : واسع ، والرهاء شبيه بالدخان والغبرة ، قال :


                                                          وتحرج الأبصار في رهائه



                                                          أي : تحار . والأرهاء : الجوانب ، عن أبي حنيفة ، قال : وقيل لابنة الخس أي البلاد أمرأ ؟ قالت : أرهاء أجأ أنى شاءت . قال ابن سيده : وإنما قضينا أن همزة الرهاء والأرهاء واو لا ياء ; لأن ( ر ه و ) أكثر من ( ر ه ي ) ولولا ذلك لكانت الياء أملك بها ; لأنها لام . ورهت ترهو رهوا : مشت مشيا خفيفا في رفق ، قال القطامي في نعت الركاب :


                                                          يمشين رهوا فلا الأعجاز خاذلة     ولا الصدور على الأعجاز تتكل



                                                          والرهو : سير خفيف حكاه أبو عبيد في سير الإبل . الجوهري : الرهو السير السهل . يقال : جاءت الخيل رهوا أي : متتابعة . وقوله في حديث ابن مسعود : إذ مرت به عنانة ترهيأت أي : سحابة تهيأت للمطر فهي تريده ولم تفعل . والرهو : شدة السير عن ابن الأعرابي ، وقوله :


                                                          إذا ما دعا داعي الصباح أجابه     بنو الحرب منا والمراهي الضوابع



                                                          فسره ابن الأعرابي فقال : المراهي الخيل السراع ، واحدها مره ، وقال ثعلب : لو كان مرهى كان أجود ، فهذا يدل على أنه لم يعرف أرهى الفرس وإنما مرهى عنده على رها أو على النسب . الأزهري : قال العكلي المرهي من الخيل الذي تراه كأنه لا يسرع وإذا طلب لم يدرك ، قال : وقال ابن الأعرابي : الرهو من الطير والخيل السراع ، وقال لبيد :


                                                          يرين عصائبا يركضن رهوا     سوابقهن كالحدأ التؤام



                                                          ويقال : رهوا يتبع بعضها بعضا ، وقال الأخطل :


                                                          بني مهرة والخيل رهو كأنها     قداح على كفي مجيل يفيضها



                                                          أي : متتابعة . والرهو : من الأضداد يكون السير السهل ويكون السريع ، قال الشاعر في السريع :


                                                          فأرسلها رهوا رعالا كأنها     جراد زهته ريح نجد فأتهما



                                                          وقال ابن الأعرابي : رها يرهو في السير أي : رفق . وشيء رهو : رقيق ، وقيل متفرق . ورها بين رجليه يرهو رهوا : فتح ، قال ابن بري : وأنشد أبو زياد :


                                                          تبيت من شفان إسكتيها     وحرها راهية رجليها



                                                          ويقال : رها ما بين رجليه إذا فتح ما بين رجليه . الأصمعي : ونظر أعرابي إلى بعير فالج فقال : سبحان الله رهو بين سنامين ، أي : فجوة بين سنامين ، وهذا من الانهباط . والرهو : مشي في سكون . ويقال : افعل ذلك سهوا رهوا أي : ساكنا بغير تشدد . وثوب رهو : رقيق ، عن ابن الأعرابي ، وأنشد لأبي عطاء :


                                                          وما ضر أثوابي سوادي وتحته     قميص من القوهي رهو بنائقه



                                                          ويروى : مهو ورخف ، وكل ذلك سواء . وخمار رهو : رقيق ، وقيل : هو الذي يلي الرأس وهو أسرعه وسخا . والرهو والرهوة : المكان المرتفع والمنخفض أيضا يجتمع فيه الماء ، وهو من الأضداد . ابن سيده : والرهوة الارتفاع والانحدار ضد قال أبو العباس النميري :


                                                          دليت رجلي في رهوة     فما نالتا عند ذاك القرارا



                                                          وأنشده أبو حاتم عن أم الهيثم ، وأنشد أيضا :


                                                          تظل النساء المرضعات برهوة     تزعزع من حول الجنان قلوبها



                                                          فهذا انحدار وانخفاض ، وقال عمرو بن كلثوم :


                                                          نصبنا مثل رهوة ذات حد     محافظة وكنا السابقينا



                                                          وفي التهذيب : وكنا المسنفينا ، وفي الصحاح : وكنا الأيمنينا ، كأن رهوة هاهنا اسم أو قارة بعينها ، فهذا ارتفاع . قال ابن بري : رهوة اسم جبل بعينه ، وذات حد : من نعت المحذوف أراد نصبنا كتيبة مثل رهوة ذات حد ، ومحافظة : مفعول له ، والحد : السلاح والشوكة ، قال : وكان حق الشاهد الذي استشهد به أن تكون الرهوة فيه تقع على كل موضع مرتفع من الأرض ، فلا تكون اسم شيء بعينه ، قال : وعذره في هذا أنه إنما سمي الجبل رهوة لارتفاعه ، فيكون شاهدا على المعنى . وشاهد الرهوة للمرتفع قوله في الحديث : وسئل عن غطفان فقال : رهوة تنبع ماء ، فرهوة هنا جبل ينبع منه ماء ، وأراد أن فيهم خشونة وتوعرا وتمنعا ، وأنهم جبل ينبع منه الماء ، ضربه مثلا . قال : والرهو والرهوة شبه تل صغير يكون في متون الأرض وعلى رءوس الجبال ، وهي مواقع الصقور والعقبان ، الأولى عن اللحياني ، قال ذو الرمة :


                                                          نظرت كما جلى على رأس رهوة [ ص: 251 ]     من الطير أقنى ينفض الطل أزرق



                                                          الأصمعي وابن شميل : الرهوة والرهو ما ارتفع من الأرض . ابن شميل : الرهوة الرابية تضرب إلى اللين وطولها في السماء ذراعان أو ثلاثة ، ولا تكون إلا في سهول الأرض وجلدها ما كان طينا ، ولا تكون في الجبال . الأصمعي : الرهاء أماكن مرتفعة ، الواحد رهو . والرهاء : ما اتسع من الأرض ، وأنشد :


                                                          بشعث على أكوار شدف رمى بهم     رهاء الفلا نابي الهموم القواذف



                                                          والرهاء : أرض مستوية قلما تخلو من السراب . الجوهري : ورهوة في شعر أبي ذؤيب عقبة بمكان معروف ، قال ابن بري : بيت أبي ذؤيب هو قوله :


                                                          فإن تمس في قبر برهوة ثاويا     أنيسك أصداء القبور تصيح



                                                          قال ابن سيده : رهوى موضع وكذلك رهوة ، أنشد سيبويه لأبي ذؤيب :


                                                          فإن تمس في قبر برهوة ثاويا



                                                          وقال ثعلب : رهوة جبل ، وأنشد :


                                                          يوعد خيرا وهو بالرحراح     أبعد من رهوة من نباح



                                                          نباح : جبل . ابن بزرج : يقولون للرامي وغيره إذا أساء أرهه أي : أحسن . وأرهيت : أحسنت . والرهو : طائر معروف يقال له الكركي ، وقيل : هو من طير الماء يشبهه وليس به ، وفي التهذيب : والرهو طائر . قال ابن بري : ويقال هو طائر غير الكركي يتزود الماء في استه ، قال : وإياه أراد طرفة بقوله :


                                                          أبا كرب أبلغ لديك رسالة     أبا جابر عني ولا تدعن عمرا
                                                          هم سودوا رهوا تزود في استه     من الماء خال الطير واردة عشرا



                                                          وأرهى لك الشيء : أمكنك ، عن ابن الأعرابي . وأرهيته أنا لك أي : مكنتك منه . وأرهيت لهم الطعام والشراب إذا أدمته لهم ، حكاه يعقوب مثل أرهنت ، وهو طعام راهن وراه أي : دائم ، قال الأعشى :


                                                          لا يستفيقون منها ، وهي راهية     إلا بهات وإن علوا وإن نهلوا



                                                          ويروى : راهنة ، يعني الخمر . والرهية : بر يطحن بين حجرين ويصب عليه لبن ، وقد ارتهى . والرها : بلد بالجزيرة ينسب إليه ورق المصاحف ، والنسبة إليه رهاوي . وبنو رهاء بالضم : قبيلة من مذحج والنسبة إليهم رهاوي . التهذيب في ترجمة ( هرا ) : ابن الأعرابي هاراه إذا طانزه وراهاه إذا حامقه .

                                                          التالي السابق


                                                          الخدمات العلمية