الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
        صفحة جزء
        فرع:

        شروط صحة وصية السكران عند القائلين بصحتها :

        يشترط لصحة وصية السكران - عند القائلين بصحتها - توفر الشروط الآتية:

        الشرط الأول: أن يكون غير معذور في سكره، كأن يشرب الخمر ونحوها طائعا مختارا غير مضطر ولا مكره.

        أما إن كان معذورا بسكره كسكر المكره بإكراه ملجئ، وسكر المضطر وسكر من شرب دواء فسكر به.

        فالسكران في هذه الحالات معذور شرعا لا يقام عليه الحد، ولأجل [ ص: 313 ] هذا تلغى جميع أقواله التي نطق بها حال السكر، ولا يترتب عليها أي حكم شرعي فلا تنفذ هبته، ويعد السكران في هذه الحالة كالنائم والمغمى عليه في أحكام التصرفات; لقيام عذره، وانتفاء قصده باتفاق الأئمة الأربعة.

        الشرط الثاني: أن يكون السكران مميزا، أي: معه بقية عقل، أما إذا ذهب عقله جملة، فلا يصح منه نطق; لأنه والحالة هذه كالمجنون.

        جاء في مواهب الجليل: "السكران قسمان: سكران لا يعرف الأرض من السماء، ولا الرجل من المرأة، فلا خلاف أنه كالمجنون في جميع أحواله وأقواله..."، وتقدم في أول هذه المسألة بيان ضابط السكران الذي يؤاخذ بسكره.

        جاء في الأشباه والنظائر للسيوطي : "الشارب له ثلاثة أحوال:

        أولها: هزة ونشاط يأخذه إذا دبت فيه ولم تستول عليه بعد، ولا يزال العقل في هذه الحالة، فهذا ينفذ طلاقه وتصرفاته; لبقاء عقله.

        الثانية: نهاية السكر، وهو أن يصير طافحا، ويسقط كالمغشي عليه لا يكاد يتكلم ولا يتحرك، فلا ينفذ طلاقه ولا غيره; لأنه لا عقل له.

        الثالثة: حالة متوسطة، وهو أن تختلط أحواله، ولا تنتظم أقواله وأفعاله، ويبقى تمييز وفهم وكلام، فهذه الثالثة سكر وفيها القولان...".

        الشرط الثالث: أن يكون الشراب المسكر مطربا، وأما السكران بشرب [ ص: 314 ] دواء غير مطرب كشارب البنج وما في معناه، فلا تصح هبته حتى ولو قصد بتناوله السكر.

        وهذا الشرط وجه عند الشافعية .

        وعللوا بأن الشراب المطرب يدعو النفس إلى تناوله، فغلظ حكمه زجرا عنه بوقوع الطلاق ونحوه، كما غلظ بالحد.

        أما غير الطرب فالنفس منه نافرة، ولذلك لم يغلظ بالحد، فلم يغلظ بوقوع الطلاق ونفاذ العقود، كالوصية وغيرها.

        التالي السابق


        الخدمات العلمية