الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
        معلومات الكتاب

        الجامع لأحكام الوقف والهبات والوصايا

        خالد المشيقح - أ.د/ خالد بن علي بن محمد المشيقح

        صفحة جزء
        المبحث الثالث عشر: الشرط الثالث عشر، في كونه غير وال ولا حاكم على الموصي

        اختلف العلماء رحمهم الله تعالى في اعتبار هذا شرط على قولين:

        القول الأول: عدم اعتبار هذا الشرط.

        وهو ظاهر قول جمهور أهل العلم، حيث لم يفرقوا بين الوالي وغيره في مشروعية الوصية.

        وحجته: عموم أدلة الوصية.

        القول الثاني: بطلان وصية الرعية لمن هو وال عليهم .

        وبه قال بعض المالكية .

        وحجته: من باب الرشوة، وثمن الجاه المنهي عنهما، والنهي يدل على فساد المنهي عنه، ولذلك يجب رد الوصية إلى ورثة الموصي.

        (195) لما روى البخاري في قصة ابن الأتبية من طريق الزهري ، أنه سمع عروة ، أخبرنا حميد الساعدي رضي الله عنه قال: استعمل النبي صلى الله عليه وسلم رجلا من بني أسد يقال له: ابن الأتبية على صدقة، فلما قدم قال: هذا لكم وهذا [ ص: 586 ] أهدي لي، فقام النبي صلى الله عليه وسلم على المنبر - قال سفيان أيضا: فصعد المنبر - فحمد الله وأثنى عليه، ثم قال: " ما بال العامل نبعثه فيأتي يقول: هذا لك وهذا لي، فهلا جلس في بيت أبيه وأمه، فينظر أيهدى له أم لا " .

        فإن ظاهر الحديث: أن ابن الأتبية أخذت منه الهدايا التي أهديت له، وإن كان الحديث غير صريح في ذلك، إلا أن هناك من العلماء من جزم بأخذها منه، ووضعها في بيت المال، وقال ابن قدامة : "يحتمل ردها، ويحتمل أن تجعل في بيت المال"، والحديث وإن كان واردا في الهدية، فإن الوصية مثلها; لأن كلا منهما تبرع بمال، وإلا أن الأولى في الحياة، والثانية بعد الموت، وذلك لا يصلح فرقا بينهما في هذا الحكم; لأن في الجميع استغلال النفوذ والجاه، وهي العلة لمنع هذا التصرف وبطلانه.

        والقول الثاني له قوة.

        التالي السابق


        الخدمات العلمية