الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                  1285 ( باب هل يخرج الميت من القبر واللحد لعلة )

                                                                                                                                                                                  التالي السابق


                                                                                                                                                                                  أي : هذا باب يذكر فيه هل يخرج الميت من قبره ولحده بعد دفنه لعلة أي لأجل سبب من الأسباب ، وإنما ذكر الترجمة بالاستفهام ولم يذكر جوابه اكتفاء بما في أحاديث الباب الثلاثة عن جابر رضي الله تعالى عنه ; لأن في الحديث الأول إخراج الميت من قبره لعلة وهي إقماص النبي - صلى الله عليه وسلم - عبد الله بن أبي بقميصه الذي على جسده ، وفي الحديث الثاني والثالث إخراجه أيضا لعلة وهي تطييب قلب جابر ، ففي الأول لمصلحة الميت ، وفي الثاني والثالث لمصلحة الحي ، ويتفرع على هذين الوجهين جواز إخراج الميت من قبره إذا كانت الأرض مغصوبة أو ظهرت مستحقة أو توزعت بالشفعة ، وكذلك نقل الميت من موضع إلى موضع ، فذكر في الجوامع وإن نقل ميلا أو ميلين فلا بأس به ، وقيل : ما دون السفر ، وقيل : لا يكره السفر أيضا ، وعن عثمان رضي الله تعالى عنه أنه أمر بقبور كانت عند المسجد أن تحول إلى البقيع وقال : توسعوا في مسجدكم ، وقيل : لا بأس في مثله ، وقال المازري : ظاهر مذهبنا جواز نقل الميت من بلد إلى بلد ، وقد مات سعد بن أبي وقاص رضي الله تعالى عنه بالعقيق ودفن بالمدينة ، وكذلك سعيد بن زيد ، وفي الحاوي : قال الشافعي : لا أحب نقله إلا أن يكون بقرب مكة أو المدينة أو [ ص: 164 ] بيت المقدس ، فاختار أن ينقل إليها لفضل الدفن فيها ، وقال البغوي والبندنيجي : يكره نقله ، وقال القاضي حسين والدارمي : يحرم نقله ، قال النووي : هذا هو الأصح ولم ير أحد بأسا أن يحول الميت من قبره إلى غيره وقال : قد نبش معاذ امرأته ، وحول طلحة .

                                                                                                                                                                                  ( فإن قلت ) : ما فائدة قوله واللحد مع تناول القبر إليه ؟ ( قلت ) : كأنه أشار إلى جواز الإخراج لعلة سواء كان وحده في القبر ، نبه عليه بقوله من القبر ، أو كان معه غيره ، نبه عليه بقوله واللحد ، لأن والد جابر رضي الله تعالى عنهما كان في اللحد ومعه غيره ، فأخرجه جابر وجعله في قبر وحده حيث قال في حديثه : ودفن معه آخر في قبره إلى آخره كما يأتي الآن ، وعلل لإخراجه عدم طيب نفسه أن يتركه مع الآخر ، فاستخرجه بعد ستة أشهر وجعله في قبر على حدة .



                                                                                                                                                                                  الخدمات العلمية