الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                            المسألة الثانية عشرة : القائلون بأن الاسم الأعظم موجود اختلفوا فيه على وجوه :

                                                                                                                                                                                                                                            الأول : قول من يقول إن ذلك الاسم الأعظم هو قولنا : ( ذو الجلال والإكرام ) [ الرحمن : 27 ] وورد فيه قوله عليه الصلاة والسلام " ألظوا بـياذا الجلال والإكرام " وهذا عندي ضعيف لأن الجلال إشارة إلى الصفات السلبية ، والإكرام إشارة إلى الصفات الإضافية ، وقد عرفت أن حقيقته المخصوصة مغايرة للسلوب والإضافات .

                                                                                                                                                                                                                                            والقول الثاني : قول من يقول إنه هو " الحي القيوم " لقوله عليه الصلاة والسلام لأبي بن كعب : ما أعظم آية في كتاب الله تعالى ؟ فقال : ( الله لا إله إلا هو الحي القيوم ) [ البقرة : 255 ] فقال : " ليهنك العلم أبا المنذر " وعندي أنه ضعيف ، وذلك لأن الحي هو الدراك الفعال ، وهذا ليس فيه كثرة عظمة لأنه صفة ، وأما القيوم فهو مبالغة في القيام ، ومعناه كونه قائما بنفسه مقوما لغيره ، فكونه قائما بنفسه مفهوم سلبي وهو استغناؤه عن غيره ، وكونه مقوما لغيره صفة إضافية فالقيوم لفظ دال على مجموع سلب وإضافة ، فلا يكون ذلك عبارة عن الاسم الأعظم .

                                                                                                                                                                                                                                            القول الثالث : قول من يقول : أسماء الله كلها عظيمة مقدسة ، ولا يجوز وصف الواحد منها بأنه أعظم ؛ لأن ذلك يقتضي وصف ما عداه بالنقصان ، وعندي أن هذا أيضا ضعيف لأنا بينا أن الأسماء منقسمة إلى الأقسام التسعة ، وبينا أن الاسم الدال على الذات المخصوصة يجب أن يكون أشرف الأسماء وأعظمها ، وإذا ثبت هذا بالدلائل فلا سبيل فيه إلى الإنكار .

                                                                                                                                                                                                                                            القول الرابع : أن الاسم الأعظم هو قولنا " الله " وهذا هو الأقرب عندي لأنا سنقيم الدلالة على أن هذا الاسم يجري مجرى اسم العلم في حقه سبحانه ، وإذا كان كذلك كان دالا على ذاته المخصوصة .

                                                                                                                                                                                                                                            [ ص: 101 ] المسألة الثالثة عشرة : أما الاسم الدال على المسمى بحسب جزء من أجزاء ماهية المسمى فهذا في حق الله تعالى محال ؛ لأن هذا إنما يتصور في حق من كانت ماهيته مركبة من الأجزاء وذلك في حق الله محال ؛ لأن كل مركب فإنه محتاج إلى جزئه ، وجزؤه غيره فكل مركب فإنه محتاج إلى غيره ، وكل محتاج إلى غيره فهو ممكن ، ينتج أن كل مركب فهو ممكن لذاته ، فما لا يكون ممكنا لذاته امتنع أن يكون مركبا ، وما لا يكون مركبا امتنع أن يحصل له اسم بحسب جزء ماهيته .

                                                                                                                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                            الخدمات العلمية