الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                            المسألة التاسعة والثلاثون في المعنى :

                                                                                                                                                                                                                                            المعنى اسم للصورة الذهنية لا للموجودات الخارجية : لأن المعنى عبارة عن الشيء الذي عناه العاني وقصده القاصد ، وذاك بالذات هو الأمور الذهنية ، وبالعرض الأشياء الخارجية ، فإذا قيل : إن القائل أراد بهذا اللفظ هذا المعنى ، فالمراد أنه قصد بذكر ذلك اللفظ تعريف ذلك الأمر المتصور .

                                                                                                                                                                                                                                            المسألة الأربعون :

                                                                                                                                                                                                                                            قد يقال في بعض المعاني : إنه لا يمكن تعريفها بالألفاظ ، مثل أنا ندرك بالضرورة تفرقة بين الحلاوة المدركة من النبات ، والحلاوة المدركة من الطبرزذ ، فيقال : إنه لا سبيل إلى تعريف هذه التفرقة بحسب اللفظ ، وأيضا ربما اتفق حصول أحوال في نفس بعض الناس ولا يمكنه تعريف تلك الحالة بحسب التعريفات اللفظية ، إذا عرفت هذا فنقول :

                                                                                                                                                                                                                                            أما القسم الأول فالسبب فيه أن ما به يمتاز حلاوة النبات [ ص: 32 ] من حلاوة الطبرزذ ما وضعوا له في اللغة لفظة معينة ، بل لا يمكن ذكرها إلا على سبيل الإضافة مثل أن يقال حلاوة النبات وحلاوة الطبرزذ ، فلما لم توضع لتلك التفرقة لفظة مخصوصة لا جرم لا يمكن تعريفها باللفظ ، ولو أنهم وضعوا لها لفظة ، لقد كان يمكن تعريفها باللفظ على ذلك التقدير .

                                                                                                                                                                                                                                            وأما القسم الثاني : وهو أن الإنسان إذا أدرك من نفسه حالة مخصوصة ، وسائر الناس ما أدركوا تلك الحالة المخصوصة استحال لهذا المدرك وضع لفظ لتعريفه ؛ لأن السامع ما لم يعرف المسمى أولا لم يمكنه أن يفهم كون هذا اللفظ موضوعا له ، فلما لم يحصل تصور تلك المعاني عند السامعين امتنع منهم أن يتصوروا كون هذه الألفاظ موضوعة لها ، فلا جرم امتنع تعريفها ، أما لو فرضنا أن جماعة تصوروا تلك المعاني ثم وضعوا لها ألفاظا مخصوصة ، فعلى هذا التقدير كان يمكن تعريف تلك الأحوال بالبيانات اللفظية - فهكذا يجب أن يتصور معنى ما يقال إن كثيرا من المعاني لا يمكن تعريفها بالألفاظ .

                                                                                                                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                            الخدمات العلمية