الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                      قلت : أرأيت إن حلف بالمشي فحنث وهو شيخ كبير قد يئس من المشي ؟

                                                                                                                                                                                      قال : قال مالك : يمشي ما أطاق ولو نصف ميل ثم يركب ويهدي ، ولا شيء عليه بعد ذلك ، قلت : فإن كان مريضا هذا الحالف فحنث كيف يصنع في قول مالك ؟

                                                                                                                                                                                      قال : أرى إن كان مريضا قد يئس من البرء فسبيله سبيل الشيخ الكبير ، وإن كان مرض مرضا يطمع بالبرء منه وهو ممن لو صح كان يجب عليه المشي ليس بشيخ كبير ولا امرأة ضعيفة فلينتظر حتى إذا برأ أو صح مشى ، إلا أن يكون يعلم أنه وإن برأ وصح لم يقدر على أن يمشي أصلا الطريق كله ، فليمش ما أطاق ثم يركب ويهدي ولا شيء عليه في رأيي قلت : أرأيت إذا عجز عن المشي فركب كيف يحصي ما ركب في قول مالك ، أيحصي عدد الأيام أم يحصي ذلك في ساعات النهار والليل ، أم يحفظ المواضع التي ركب فيها من الأرض ، فإذا رجع ثانية مشى ما ركب وركب ما مشى ؟

                                                                                                                                                                                      قال : إنما يأمر مالك بأن يحفظ المواضع التي ركب فيها من الأرض ولا يلتفت إلى الأيام والليالي فإن عاد ثانية مشى تلك المواضع التي ركب فيها ، قلت : ولا يجزئ عند مالك أن يمشي يوما ويركب يوما ، أو يمشي أياما ويركب أياما فإذا عاد ثانية قضى عدد تلك الأيام التي ركب فيها ؟

                                                                                                                                                                                      قال : لا يجزئه عند مالك ، لأن هذا إذا كان هكذا يوشك أن يمشي في [ ص: 468 ] الموضع الواحد المرتين جميعا ويركب في الموضع الواحد المرتين جميعا . فلا تم المشي إلى مكة ، فليس قول مالك على عدد الأيام وإنما هو على عدد المواضع من الأرض ، قلت : والرجال والنساء في المشي سواء ؟

                                                                                                                                                                                      قال : نعم .

                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية