الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
1936 1105 - (1935) - (1 \ 222) قال ابن عباس ، قال : يوم الخميس ، وما يوم الخميس ؟ ! ثم بكى حتى بل دمعه - وقال مرة : دموعه - الحصى ، قلنا : يا أبا العباس ! وما يوم الخميس ؟ قال : اشتد برسول الله صلى الله عليه وسلم وجعه ، فقال : " ائتوني

[ ص: 297 ] أكتب لكم كتابا لا تضلوا بعده أبدا " ،
فتنازعوا ، ولا ينبغي عند نبي تنازع ، فقالوا : ما شأنه ، أهجر - قال سفيان : يعني : هذى - استفهموه ، فذهبوا يعيدون عليه ، فقال : "دعوني ، فالذي أنا فيه خير مما تدعوني إليه " ، وأمر بثلاث - وقال سفيان مرة : أوصى بثلاث - ، قال : "أخرجوا المشركين من جزيرة العرب ، وأجيزوا الوفد بنحو ما كنت أجيزهم " .
وسكت سعيد عن الثالثة ، فلا أدري : أسكت عنها عمدا ; وقال مرة : أو نسيها ; وقال سفيان مرة : وإما أن يكون تركها ، أو نسيها .

التالي السابق


* قوله : "يوم الخميس " : أي : اليوم يوم الخميس ، وكأنه بهذا الكلام ذكر يوم الخميس الذي اشتد فيه مرضه ، فقال تعظيما لذلك اليوم : وما يوم الخميس ؟ ويحتمل أن يكون تقدير الأول : ذلك اليوم ; أي : يوم اشتداد مرضه يوم الخميس ، أو تقديره : يوم الخميس يوم عظيم ، أو تقديره : يوم الخميس ما يوم الخميس وما يوم الخميس ؟ على أنه من قبيل : الحاقة ما الحاقة [الحاقة : 1 - 2] ، إلا أنه كرر "ما يوم الخميس" بصورة العطف تأكيدا لتعظيمه .

قال النووي : معناه : تفخيم أمره في الشدة والمكروه فيما يعتقده ابن عباس ، وهو امتناع الكتاب .

* "ائتوني " : أي : بشيء يكتب فيه .

* "أكتب لكم " : أي : ألق عليكم ما تكتبونه ، ويمكن أن يقال : إنه أراد مباشرته ، إن قلنا : إنه كان يحسن الخط بتعليم الله تعالى زيادة في الإعجاز ، بعد أن تم أمر الإعجاز بكونه أميا كما جوزه بعضهم .

* "لا تضلوا " : هكذا بحذف النون في النسخ ، وهو حذف للتخفيف ، وهو شائع ، وإلا فالجملة صفة "كتابا " ، وقيل : بدل من جواب الأمر ، أو جواب ثان بلا عطف ، وقد جوز ذلك ، ويمكن أن يكون نهيا على معنى : لا تختلفوا بعده ،

[ ص: 298 ] بل اتفقوا على ما فيه ، لكن الرواية بثبوت النون كما في مسلم تأبى ذلك .

* "فتنازعوا " : أي : اختلفوا في إحضاره بناء على أنه رأى بعضهم أن حاله لا تساعد ذلك ، وإحضاره يكون زيادة في العنت عليه .

* "فقالوا " : أي : قال من رأى أن الإحضار أولى لمن منعه إنكارا عليه :

* "أهجر " : على بناء الفاعل ، والهمزة للإنكار ; أي : أهذى ; أي : إن كلامه ليس ككلام من يأتي بالهذيان حتى يترك العمل به ، ويمكن أن يكون - بضم الهاء - على أنه مصدر ، بتقدير : أكلامه هجر ، وهو المناسب بتفسير سفيان : يعني : هذى ; أي : أراد القائل : أهذا الكلام هجر ، على أن "هذا" اسم إشارة ، وعلى الأول فهو فعل ; كدعا ; من هذوت بمعنى : هذيت ، والشائع بالياء ، لكن الخط لا يناسبه ; لأن اليائي يكتب بالياء ، والنسخ متفقة على الألف ، والله - تعالى - أعلم .

* "استفهموه " : من لفظ الحديث ، لا من كلام سفيان .

* "فالذي أنا فيه " : من مراقبة الحق والتأهب للقائه .

* "مما تدعوني إليه " : من الاشتغال بما بينكم من الخصام .

* "وأجيزوا " : قيل : هو أمر بإجازة الوفود وضيافتهم وإكرامهم ; تطييبا لنفوسهم ، وترغيبا لغيرهم من المؤلفة ونحوهم ، وإعانة لهم على سفرهم .

* "على الثالثة " : قيل : هو تجهيز جيش أسامة - رضي الله تعالى عنه - ، وقيل : هو قوله : "لا تتخذوا قبري وثنا يعبد " .

* * *




الخدمات العلمية