الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
1407 [ ص: 72 ] 787 - (1404) - (1 \ 163 - 164) عن ابن إسحاق ، حدثنا سالم بن أبي أمية أبو النضر ، قال : جلس إلي شيخ من بني تميم في مسجد البصرة ، ومعه صحيفة له في يده ، قال : وفي زمان الحجاج ، فقال لي : يا عبد الله ! أترى هذا الكتاب مغنيا عني شيئا عند هذا السلطان ؟ قال : فقلت : وما هذا الكتاب ؟ قال : هذا كتاب من رسول الله صلى الله عليه وسلم كتبه لنا : أن لا يتعدى علينا في صدقاتنا . قال : فقلت : لا والله ما أظن أن يغني عنك شيئا ، وكيف كان شأن هذا الكتاب ؟

قال : قدمت المدينة مع أبي ، وأنا غلام شاب ، بإبل لنا نبيعها ، وكان أبي صديقا لطلحة بن عبيد الله التيمي ، فنزلنا عليه ، فقال له أبي : اخرج معي ، فبع لي إبلي هذه . قال : فقال : إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد نهى أن يبيع حاضر لباد ، ولكن سأخرج معك فأجلس ، وتعرض إبلك ، فإذا رضيت من رجل وفاء وصدقا ممن ساومك ، أمرتك ببيعه .

قال : فخرجنا إلى السوق ، فوقفنا ظهرنا ، وجلس طلحة قريبا ، فساومنا الرجال ، حتى إذا أعطانا رجل ما نرضى ، قال له أبي : أبايعه ؟ قال : نعم ، قد رضيت لكم وفاءه فبايعوه ، فبايعناه ، فلما قبضنا مالنا ، وفرغنا من حاجتنا ، قال أبي لطلحة : خذ لنا من رسول الله صلى الله عليه وسلم كتابا : أن لا يتعدى علينا في صدقاتنا . قال : فقال : هذا لكم ، ولكل مسلم . قال : على ذلك ، إني أحب أن يكون عندي من رسول الله صلى الله عليه وسلم كتاب . قال : فخرج حتى جاء بنا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقال : يا رسول الله ! إن هذا الرجل من أهل البادية صديق لنا ، وقد أحب أن تكتب له كتابا أن لا يتعدى عليه في صدقته ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "هذا له ولكل مسلم " . قال : يا رسول الله ! إنه قد أحب أن يكون عنده منك كتاب على ذلك . قال : فكتب لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم هذا الكتاب .


التالي السابق


* قوله : "قال : وفي زمان الحجاج " : أي : قال : وذلك كان في زمان

[ ص: 73 ] الحجاج ، ويمكن أن يجعل عطفا على قوله : "في مسجد البصرة " ، لكن الظاهر حينئذ ترك العطف ; إذ لم يعهد عطف الزمان على المكان ، بل كلاهما يتعلق بالفعل بلا واسطة عاطف .

* "عند هذا السلطان " : أي : عند الحجاج .

* "أن لا يتعدى علينا " : على بناء المفعول .

* "فإذا رضيت " : صيغة المتكلم .

* "قال : على ذلك " : أي : مع ذلك .

وفي "المجمع " : رواه أحمد ، وأبو يعلى ، ورجاله رجال الصحيح .

* * *




الخدمات العلمية