الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                              ( وتكفي ) في صحة البيع ( رؤية بعض المبيع إن دل على باقيه كظاهر الصبرة ) من نحو الحب والجوز والأدقة والمسك والتمر العجوة أو الكبيس في نحو قوصرة والقطن في عدل والبر في بيت ، وإن رآه من كوة ؛ لأن الغالب استواء ظاهر ذلك وباطنه فإن تخالفا تخير وكذلك تكفي رؤية أعلى المائعات في ظروفها ولا يصح بيع نحو مسك في فارته معها أو دونها إلا إن فرغها ورآهما أو رآها فارغة ثم رأى أعلاه بعد ملئها منه ويصح بيع نحو سمن رآه في ظرفه معه موازنة إن علما زنة كل وكان للظرف قيمة ، وقيده بعضهم بما إذا قصدا الظرف أخذا من تعليلهم البطلان بشرط بذل مال في مقابلة غير مال ويرد بأن ذكره يشعر بقصده فلا نظر لقصده المخالف له لا بيع شيء موازنة بشرط حط قدر معين منه بعد [ ص: 268 ] الوزن في مقابلة الظرف بخلاف شرط وزن الظرف وحط قدره لانتفاء الجهالة حينئذ وبحث أن اطراد العرف بحط قدر كشرطه غير صحيح كما مر ، وإن أيد بكلام ابن عبد السلام وغيره ، وخرج بدل صبرة نحو رمان وبطيخ وعنب فلا بد من رؤية جميع كل واحدة ، وإن غلب عدم تفاوتها وكذا تراب الأرض ومن ثم لو باعه قدر ذراع طولا وعمقا من أرض لم يصح ؛ لأن تراب الأرض مختلف .

                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                              حاشية ابن قاسم

                                                                                                                              ( قوله : والتمر العجوة أو الكبيس في نحو قوصرة إلخ ) قال في العباب إن عرف عمق ذلك وسعته قال في شرحه ، وهذا الشرط لا يختص بهذه الصورة بل يأتي في رؤية الحب من كوة أو نحوها خلافا لما يوهمه صنيعه على أن المانع من صحة البيع في ذلك الجهل بالمقدار لا عدم الرؤية الذي الكلام فيه . انتهى .

                                                                                                                              ( فرع ) سئل شيخنا الشهاب الرملي عن بيع السكر في قدوره هل يصح ويكتفى برؤية أعلاه من رءوس القدور فأجاب بأنه إن كان بقاؤه في القدور من مصالحه صح وكفى رؤية أعلاه من رءوس القدور ، وإلا فلا . انتهى . ولعل وجه ذلك أن رؤية أعلاه لا تدل على باقيه لكنه اكتفى بها إذا كان بقاؤه في القدور من مصالحه للضرورة ( قوله : لا بيع شيء موازنة ) في العباب ولو باع السمن كل رطل بكذا فله وزنه وحده أو في ظرفه ويسقط وزنه بعد تفريغه . انتهى . وفي شرحه عقب هذا وصوب فيه أيضا وكان ضمير فيه للمجموع لتقدم ذكره أنه لو باعه السمن كل رطل بدرهم على أن يوزن معه الظرف ثم يحط وزن الظرف صح ، وإن كان الموزون جامدا لا يتوقف على الوزن في ظرفه ولو باعه بعشرة على أن يزنه بظرفه ثم يسقط من الثمن بقسط وزنه الظرف صح [ ص: 268 ] إن علما قدر وزن الظرف ، وقدر قسطه ، وإلا فلا ولو اشترى شيئا من ذلك في ظرفه كل رطل بدرهم مثلا على أن يوزن بظرفه ويسقط للظرف أرطالا معينة من غير وزن لم يصح قال في المجموع ، وهذا من المحرمات التي تقع في كثير من الأسواق .

                                                                                                                              ( فرع ) ذكر الرافعي في الإجارة أن من اشترى سمنا ، وقبضه في إناء البائع ضمن الإناء ؛ لأنه أخذه لمنفعة نفسه ولا ضرورة لقبض المبيع فيه . انتهى . فقوله : ولو اشترى شيئا من ذلك في ظرفه كل رطل بدرهم مثلا إلى قوله قال في المجموع إلخ هو المراد بقوله هنا لا بيع شيء موازنة بشرط حط قدر معين إلخ .

                                                                                                                              ( قوله : في مقابلة الظرف ) أي من غير وزن ( قوله : كما مر ) أي في الفرع المذكور في الشرح قبيل قول المصنف ومتى كان العوض معينا إلخ .



                                                                                                                              حاشية الشرواني

                                                                                                                              قول المتن ( على باقيه ) أي على أن الباقي مثله ( قوله : من نحو الحب ) إلى قوله ولا يصح بيع إلخ في النهاية والمغني ( قوله : والأدقة ) جمع دقيق . ا هـ . ع ش .

                                                                                                                              ( قوله : والمسك ) معطوف على الصبرة . ا هـ رشيدي ولعل هذا مبني على اختصاص الصبرة لغة بالطعام ، وقد تقدم أن الفقهاء يستعملونه في غيره أيضا فهو معطوف على الحب . ( قوله : والتمر العجوة إلخ ) أي المنسولة ويحتمل العموم للتي فيها النوى أخذا من إطلاقالشارح م ر ويثبت له الخيار إذا اختلف الظاهر والباطن ولعله الأقرب . ا هـ . ع ش ( قوله : أو الكبيس إلخ ) قال في العباب إن عرف عمق ذلك وسعته قال في شرحه : وهذا الشرط لا يختص بهذه الصورة بل يأتي في رؤية الحب من كوة أو نحوها خلافا لما يوهمه صنيعه على أن المانع من صحة البيع في ذلك الجهل بالمقدار لا عدم الرؤية الذي الكلام فيه سم حج ومنه يؤخذ أن محل الاكتفاء بالمعاينة في المعين عن معرفة القدر حيث أمكن معرفة القدر مع تلك الرؤية ، وإلا فلا تكفي . ا هـ . ع ش .

                                                                                                                              ( قوله : في نحو قوصرة إلخ ) سئل شيخنا الشهاب الرملي عن بيع السكر في قدوره هل يصح ويكتفى برؤية أعلاه من رءوس القدور فأجاب بأنه إن كان بقاؤه في القدور من مصالحه صح وكفى رؤية أعلاه من رءوس القدور ، وإلا فلا . انتهى . ولعل وجه ذلك أن رؤية أعلاه لا تدل على باقيه لكنه اكتفى بها إذا كان بقاؤه في القدور من مصالحه للضرورة . ا هـ سم ( قوله : والقطن ) أي المجرد عن جوزه ا هـ مغني ( قوله : فإن تخالفا ) أي الظاهر والباطن ( قوله : ولا يصح بيع نحو مسك إلخ ) أي مطلقا جزافا أو موازنة ومن النحو السمن والعسل في ظرفهما ( قوله : إلا إن فرغها إلخ ) راجع للمعطوف والمعطوف عليه معا ( قوله : ورآهما ) الأولى فيه وفي نظائره الآتية تثنية الفعل ( قوله : نحو سمن إلخ ) من النحو المسك في فارته والعسل في ظرفه ( قوله : إن علما زنة كل ) مفهومه بطلان البيع مع الجهل ويشكل ذلك بالصحة فيما لو باع صبرة مجهولة الصيعان كل صاع بدرهم اكتفاء بتفصيل الثمن ، وأشار للجواب عن مثله سم على منهج حيث قال : وأقول لعل وجهه أن المقصود هو السمن والمسك والجهل بوزنهما يورث الجهل بالمبيع كاللبن بالماء تأمل . انتهى . ا هـ . ع ش ( قوله : لا بيع شيء موازنة ) في العباب ولو باع السمن كل رطل بكذا فله وزنه وحده أو في ظرفه ويسقط وزنه بعد تفريغه . انتهى . وفي شرحه عقب هذا وصوب فيه أيضا وكأن ضمير فيه للمجموع لتقدم ذكره أنه لو باعه السمن كل رطل بدرهم على أن يوزن معه الظرف ثم يحط وزن الظرف صح ، وإن كان الموزون جامدا لا يتوقف على الوزن في ظرفه ، ولو باعه بعشرة على أن يزنه بظرفه ثم يسقط من الثمن بقسط وزن الظرف صح إن علما قدر وزن الظرف ، وقدر قسطه ، وإلا فلا ولو اشترى شيئا من ذلك في ظرفه كل رطل بدرهم مثلا على أن يوزن بظرفه ويسقط للظرف أرطالا معينة من غير وزن لم يصح قال في المجموع ، وهذا من المحرمات التي تقع في كثير من الأسواق .

                                                                                                                              ( فرع ) ذكر الرافعي في الإجارة أن من اشترى سمنا ، وقبضه [ ص: 268 ] في إناء البائع ضمن الإناء ؛ لأنه أخذه لمنفعة نفسه ولا ضرورة لقبض المبيع فيه . ا هـ . فقوله : ولو اشترى شيئا من ذلك في ظرفه كل رطل بدرهم مثلا إلى قوله قال في المجموع هو المراد بقوله هنا لا بيع شيء موازنة بشرط حط قدر معين إلخ . ا هـ . سم ( قوله : في مقابلة الظرف ) أي من غير وزن . ا هـ . سم ( قوله : كما مر ) أي في فرع قبيل قول المتن ومتى كان العوض معينا ( قوله : وخرج ) إلى قوله وكذا في المغني ، وإلى المتن في النهاية ( قوله : بدل ) أي إلى آخره ( قوله : نحو رمان إلخ ) أي كسفرجل ا هـ نهاية . ا هـ . سم قال ع ش ومن النحو العنب كما قاله الشيخان ونوزعا فيه . ا هـ . عبارة المغني ولا يكفي في العنب والخوخ ونحوهما رؤية أعلاها لكثرة الاختلاف في ذلك . ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله : فلا بد من رؤية جميع كل واحدة ) فإن رأى أحد جانبي نحو بطيخة كان كبيع الغائب كالثوب الصفيق يرى أحد وجهيه نهاية ومغني قال ع ش قوله : فلا بد من رؤية جميع إلخ أي الرؤية العرفية فلا يشترط قلبها ورؤية وجهيها إلا إذا غلب اختلاف أحد وجهيها على ما يأتي . وقوله : كالثوب الصفيق قضية هذا التشبيه أن عدم الاكتفاء برؤية أحد الجانبين مفروض فيما اختلفت جوانبها . ا هـ . ( قوله : طولا وعمقا ) ينبغي وعرضا . ا هـ . سيد عمر .




                                                                                                                              الخدمات العلمية