الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                              ( تنبيه ) أقرضه مثلا دراهم ودنانير ثم استبدل عنهما أحدهما ، أو عكسه وقبض البدل في المجلس جاز كما هو ظاهر من كلامهم ، ولا نظر إلى أن ذلك من قاعدة مد عجوة لما مر أنها لا تجري في الدين ، وإن نازع فيه البلقيني وأطال ؛ إذ لا ضرورة لتقدير المعاوضة فيه المستدعية اشتراط تحقق المماثلة ، ومن ثم قالوا : لو صالح عن ألف درهم وخمسين دينارا في ذمة غيره بألفي درهم جاز ؛ إذ لا ضرورة حينئذ في تقدير المعاوضة فيه فيجعل مستوفيا لأحد الألفين ومعتاضا عن الدنانير الألف الآخر بخلاف ما إذا كان الألف والخمسون معينين ؛ لأن الاعتياض فيه حقيقي لا يحتاج لتقدير فكأنه باع ألف درهم وخمسين دينارا بألفي درهم ، وهو ممتنع ؛ لأنه من صور مد عجوة كما مر وإنما صح الصلح عن ألف بخمسمائة معينة كما اقتضاه كلامهم وصرح به جمع متقدمون ؛ لأن الصلح من الدين على بعضه إبراء للبعض ، واستيفاء للباقي فهو صلح حطيطة ، وهو يعيد فيه الاعتياض ، ووقع في كلامهما في الرهن فيما لو أعطاه كيس دراهم ليستوفي منها حقه والدراهم أقل منه وللكيس قيمة ، أو أكثر ، ولا قيمة له ما قد يخالف ذلك وعند التأمل الصادق لا يخالفه فتفطن له فإن قلت فلم اشترط القبض في المجلس ؟ قلت : ليخرج عن ربا اليد ، وإنما راعوه دون ربا الفضل ؛ لأنه في القاعدة إنما ينشأ عن المقابلة ومر أنه لا ضرورة لها ، وأما ربا اليد فينشأ عن التمكن من القبض ثم تركه ، وهذا لا يقتضي إسقاطه فتأمله

                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                              حاشية ابن قاسم

                                                                                                                              ( قوله : تنبيه أقرضه مثلا دراهم إلخ ) الذي أفتى به شيخنا الشهاب الرملي فيما إذا عوض عن دين القرض الذهب ذهبا وفضة بطلان التعويض ؛ لأنه من قاعدة مد عجوة بخلاف مسألة الصلح الآتية إذ لا ضرورة إلى تقدير التعويض فيها ، ويؤخذ من ذلك أنه لو وقع فيها تعويض كعوضتك كذا عن كذا كان باطلا ، وهو ظاهر فليتأمل ( قوله : جاز كما هو ظاهر ) هذا ظاهر إذا جرى بغير لفظ البيع كلفظ الأخذ والصلح ، وإلا ففيه نظر ؛ لأن لفظ البيع يصرف إلى المعاوضة ( قوله : إذ لا ضرورة إلخ ) فلو وجد ما يصرف إلى المعاوضة كبعتك ، أو عوضتك ، أو استبدل هذا بكذا كان من قاعدة مد عجوة فيمتنع كما هو الظاهر ، وكذا يقال في مسألة الصلح الآتية ( قوله : فيما لو أعطاه كيس درهم ) عبارة الروض وشرحه في مسألة الكيس المذكورة ما نصه : وإن قال : خذه أي : الكيس بما فيه بدراهمك فأخذه فكذلك أي يضمنه بحكم الشراء الفاسد ، ولا يملكه إلا إن علم أنه قدر ماله ، ولم يكن سلما ولا قيمة للكيس وقبل ذلك فيملكه فشمل المستثنى منه ما لو كان ما فيه مجهولا أو أكثر من دراهمه ، أو أقل منها ، أو مثلها وللكيس قيمة ، أو لا قيمة له ، ولم يقبل فلا يملكه لامتناع ذلك في الربوي بل ، وفي غيره في الأخيرة أما غير الربوي إذا لم يكن سلما فيملكه إن قبل ، وإلا فلا يضمنه أخذا مما يأتي ، وبه صرح المتولي ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله : لا يخالفه ) كان وجه ذلك أن في مسألة الكيس معاوضة بدليل قوله خذه بدراهمك ؛ ولذا قال بحكم الشراء الفاسد ( قوله : فإن قلت ) هو راجع لأول التنبيه ( قوله : دون ربا الفضل ) - [ ص: 409 ] أي وإلا لأبطلوه ؛ لأنه حينئذ من قاعدة مد عجوة



                                                                                                                              حاشية الشرواني

                                                                                                                              ( قوله : تنبيه أقرضه إلخ ) الذي أفتى به شيخنا الشهاب الرملي فيما إذا عوض عن دين القرض الذهب ذهبا وفضة بطلان التعويض ؛ لأنه من قاعدة مد عجوة بخلاف مسألة الصلح الآتية ؛ إذ لا ضرورة إلى تقدير التعويض فيها ويؤخذ من ذلك أنه لو وقع فيها تعويض كعوضتك كذا عن كذا كان باطلا ، وهو ظاهر فليتأمل سم ونهاية ( قوله : جاز كما هو ظاهر ) هذا ظاهر إن كان بغير لفظ البيع كلفظ الأخذ والصلح ، وإلا ففيه نظر ؛ لأن لفظ البيع يصرف إلى المعاوضة ا هـ سم ( قوله : إذ لا ضرورة إلخ ) فلو وجد ما يصرف إلى المعاوضة كبعتك ، أو عوضتك أو استبدل هذا بكذا كان من قاعدة مد عجوة فيمتنع كما هو الظاهر ، وكذا يقال في مسألة الصلح الآتية ا هـ سم ( قوله : لتقدير المعاوضة فيه ) أي : في عقد الاستبدال المذكور ( قوله : في تقدير المعاوضة فيه ) أي : في عقد الصلح ا هـ ع ش ( قوله : لأحد الألفين ) الأولى الألف الدراهم .

                                                                                                                              ( قوله : بخلاف ما إذا كان الألف والخمسون إلخ ) إلى قوله كما مر زاد النهاية عقبه ما نصه كما نبهنا على ذلك في باب الربا لكن المعتمد الصحة ا هـ أي : لأن لفظ الصلح يشعر بالقناعة فلم يتمحض عقده للتعويض ، وإن جرى على معين ع ش ( قوله : فيما لو أعطاه كيس دراهم ) عبارة الروض وشرحه في مسألة الكيس المذكورة ما نصه : وإن قال خذه أي : الكيس بما فيه بدراهمك فأخذه فكذلك أي : يضمنه بحكم الشراء الفاسد ، ولا يملكه إلا إن علم أنه قدر ماله ، ولم يكن سلما ، ولا قيمة للكيس وقبل ذلك فيملكه فشمل المستثنى منه ما لو كان ما فيه مجهولا ، أو أكثر من دراهمه أو أقل منها ، أو مثلها ، وللكيس قيمة ، أو لا قيمة له ، ولم يقبل فلا يملكه لامتناع ذلك في الربوي بل ، وفي غيره في الأخيرة أما غير الربوي إذا لم يكن سلما فيملكه إن قبل ، وإلا فلا يضمنه أخذا مما يأتي ، وبه صرح المتولي انتهى ا هـ سم .

                                                                                                                              ( قوله : لا يخالفه ) كان وجه ذلك أن في مسألة الكيس معاوضة بدليل قوله : خذه بدراهمك ؛ ولذا قال بحكم الشراء الفاسد ا هـ سم ( قوله : فإن قلت إلخ ) راجع لأول التنبيه ا هـ سم ( قوله : دون ربا الفضل ) أي : وإلا لأبطلوه ؛ لأنه حينئذ من قاعدة مد عجوة ا هـ سم ( قوله : عن المقابلة ) أي : المعاوضة و ( قوله : ومر ) أي : في التنبيه ا هـ كردي ( قوله : لها ) أي للمقابلة وتقديرها ( قوله : وهذا ) أي : التمكن ثم الترك ( قوله : لا يقتضي إلخ ) الأنسب يقتضي عدم إسقاطه [ ص: 409 ] أي ربا اليد




                                                                                                                              الخدمات العلمية