الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                              ( و ) تكفي رؤية بعض المبيع الدال على باقيه نحو ( أنموذج ) بضم الهمزة والميم وفتح المعجمة ( المتماثل ) أي المتساوي الأجزاء كالحبوب ، وهو ما يسمى بالعينة ثم إن أدخلها في البيع في صفقة واحدة صح ، وإن لم يردها إلى المبيع على المعتمد ؛ لأن رؤيته كظاهر الصبرة ، وأعلى المائع في دلالة كل على الباقي وزعم أنه إن لم يرده إليه كان كبيع عينين رأى أحدهما ممنوع لوضوح الفرق إذ ما هنا في المتماثل والعينان ليسا كذلك ومن ثم لو رأى ثوبين مستويين قيمة ووصفا ، وقدرا كنصفي كرباس فسرق أحدهما مثلا ثم اشترى الآخر غائبا صح إذ لا جهالة حينئذ بوجه ، وإن لم يدخلها في البيع لم يصح ، وإن ردها للمبيع ؛ لأنه لم ير المبيع ولا شيئا منه [ ص: 269 ] ( أو ) إن ( كان صوانا ) بكسر أوله وضمه ( للباقي خلقة ) ، وإن لم يدل عليه ( كقشر ) قصب السكر الأعلى وطلع النخل و ( الرمان والبيض ) وكذا القطن لكن بعد تفتحه ، وإنما لم يصح السلم فيه حينئذ لعدم انضباطه ( والقشرة السفلى ) ، وهي ما تكسر عند الأكل وكذا العليا إن لم تنعقد ( للجوز واللوز ) ؛ لأن بقاءه فيه من صلاحه ، وقشر القصب الأسفل قد يمص معه فصار كأنه في قشر واحد وتقييده كأصله بالخلقي للاحتراز عن جلد الكتاب فإنه لا بد من رؤية جميع أوراقه ، وكذا الورق البياض ، وإن أورد على طرده القطن في جوزه والدر في صدفه والمسك في فارته وعلى عكسه الخشكنان ونحوه والفقاع في كوزه والجبة المحشوة بالقطن لبطلان بيع الأول مع أن صوانها خلقي دون الآخر مع أن صوانها غير خلقي ، وقد يجاب بأن الغالب في الخلقي أن بقاءه فيه من مصلحته فأريد به ما هو الغالب فيه ومن شأنه فلا يرد عليه شيء من ذلك وتردد الأذرعي في إلحاق الفرش واللحف بالجبة ورجح غيره عدمه ؛ لأن القطن فيها مقصود لذاته بخلاف الجبة وفيه وقفة .

                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                              حاشية ابن قاسم

                                                                                                                              ( قوله : وأنموذج المتماثل ) قدر المحلي المتن هكذا ومثل أنموذج المتماثل ، وقصد بذكر مثله بيان معنى الكاف في قوله كظاهر الصبرة ، وأن أنموذج معطوف على ظاهر الصبرة ، وإنما لم يقدر الكاف فيقول وكأنموذج ؛ لأن الكاف حرف لا يستقل فكره أن يكون الجار والمجرور ملفقا [ ص: 269 ] من متن وشرح بخلاف مثل ؛ لأنه مستقل وليس مقصوده أن مثل مقدرة في الكلام كما قد يتوهم فليتأمل .

                                                                                                                              ( قوله : إن لم تنعقد ) أي السفلى ( قوله : في جوزه ) أي قبل تفتحه .



                                                                                                                              حاشية الشرواني

                                                                                                                              قول المتن ( وأنموذج المتماثل ) قدر المحلي أي والمغني المتن هكذا ومثل أنموذج المتماثل ، وقصد بذكر مثل بيان الكاف في قوله كظاهر الصبرة ، وأن أنموذج معطوف على ظاهر الصبرة ، وإنما لم يقدر الكاف فيقول وكأنموذج ؛ لأن الكاف حرف لا يستقل فكره أن يكون الجار والمجرور ملفقا من متن وشرح بخلاف مثل ؛ لأنه مستقل وليس مقصوده أن مثل مقدر في الكلام كما قد يتوهم فليتأمل . ا هـ سم ( قوله : بضم الهمزة ) إلى قوله وفيه وقفة في النهاية إلا قوله ، وقشر القصب إلى وتقييده وكذا في المغني إلا قوله وطلع النخل ، وقوله ، وقد يجاب إلى وتردد ، وقوله وكذا الورق البياض ( قوله : والميم إلخ ) أي وسكون النون ، وهذا هو الشائع لكن قال صاحب القاموس إنه لحن ، وإنما هو بفتح النون وضم الميم المشددة وفتح المعجمة . ا هـ . نهاية قال ع ش قوله : م ر إنه لحن قال النواجي هذه دعوى لا تقوم عليها حجة فما زالت العلماء قديما وحديثا يستعملون هذا اللفظ من غير نكير حتى إن الزمخشري ، وهو من أئمة اللغة سمى كتابه في النحو الأنموذج وكذلك الحسن بن رشيق القيرواني ، وهو إمام المغرب في اللغة سمى به كتابه في صناعة الأدب ، وقال النووي في المنهاج وأنموذج المتماثل ولم يتعقبه أحد من الشراح . ا هـ . وقوله : م ر وإنما هو بفتح النون أي من غير همزة . ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله : بالعينة ) بكسر العين وسكون التحتية وفتح النون . ا هـ جمل . ( قوله : ثم إن أدخلها إلخ ) أي كأن قال بعتك حنطة هذا البيت مع الأنموذج . ا هـ . مغني ( قوله : كظاهر الصبرة ) أي كرؤية ظاهر الصبرة ، وقد تقدم أنها كافية . ا هـ . ع ش ( قوله : في دلالة كل إلخ ) والأولى في الدلالة على الباقي بإسقاط لفظة كل لما في جعل دلالة الكل جامعا ما لا يخفى إلا أن يراد بالكل ظاهر الصبرة ، وأعلى المائع ( قوله : أحدهما ) ثم قوله : ليسا الأولى فيهما التأنيث ( قوله : ومن ثم لو رأى إلخ ) ليتأمل وجه هذا البناء . ا هـ . سيد عمر ( قوله : ثم اشترى إلخ ) أي ولا يعلم أيهما المسروق نهاية ومغني ( قوله : صح ) أي إن كان ذاكرا لأوصافه كما مر ( قوله : وإن لم يدخلها إلخ ) أي كأن قال بعتك من هذا النوع كذا مغني ونهاية ( قوله : [ ص: 269 ] أو كان صوانا إلخ ) عبارة النهاية والمغني أو لم يدل على باقيه بل كان صوانا ثم قالا فقوله : أو كان قسيم قوله إن دل . ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله : وطلع النخل ) عطف على قصب السكر ( قوله : لكن بعد تفتحه ) لا يخفى أن إيراده هنا على هذا الوجه يقتضي أنه تكفي رؤية صوانه بعد تفتحه وحينئذ فلا معنى لاشتراط تفتحه إذ لا معنى له إلا التمكن من رؤية بعضه وحينئذ فهو من القسم الأول لا من الثاني . ا هـ . رشيدي ( قوله : إن لم تنعقد ) أي السفلى سم ورشيدي ( قوله : وقشر القصب الأسفل إلخ ) فيه أن المعول عليه هنا أن يكون قشره صوانا لما فيه ، وقشر القصب الأعلى ليس كذلك على أن هذه العلة موجودة في الباقلاء ولا يصح بيعها في قشرها الأعلى فالأولى أن يعلل بأن قشره الأعلى لا يستر جميعه ورؤية بعضه تدل على رؤية باقيه فهو من القسم الأول . ا هـ . حلبي قال شيخنا ، وهذا بخلاف اللوبية الخضراء فإنه يصح بيعها في قشرها . ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله : وكذا الورق ) أي فلا بد من رؤية جميع طاقاته مغني و ع ش ( قوله : البياض ) أي ذو البياض والمراد به الذي لم يكتب فيه فيشمل الأصفر وغيره ( قوله : على طرده ) أي مع الخلقي ( قوله : في جوزه ) أي قبل تفتحه سم ورشيدي زاد السيد عمر بقرينة ما تقدم . ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله : والمسك في فارته ) أي حيث لم يرها فارغة ثم يعاد إليها فإنه يكتفى برؤية أعلاها كما مر . ا هـ . نهاية ( قوله : الخشكنان ) هو فطيرة رقيقة يوضع فيها شيء من السكر ونحو اللوز وتسوى بالنار فتكفي رؤية الفطيرة التي هي القشرة عن رؤية ما فيها ؛ لأنها صوان له ، وهو فارسي بمعنى الخبز اليابس والجزء الأول من هذا بمعنى الثاني من ذاك وبالعكس ( قوله : في كوزه ) أي المسدود الفم شرح المنهج ( قوله : والجبة المحشوة بالقطن ) وينبغي أن مثله الصوف أي فإنه تكفي رؤية ظاهرها ولا يشترط رؤية شيء مما في الباطن . ا هـ . ع ش ( قوله : بيع الأول ) بضم الهمزة جمع أول أي القطن والدر والمسك في ظروفها ( وقوله : دون الأخر ) جمع الأخير أي الخشكنان وما عطف عليه ويجوز إفرادهما كما جرى عليه ع ش فقال قوله : الأول أي القسم الأول ، وهو القطن وما عطف عليه ، وقوله : دون الآخر أي القسم الآخر ، وهو الخشكنان وما عطف عليه . ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله : فأريد به ما هو ) أي كون البقاء فيه من المصلحة ( الغالب فيه ) أي فليس المراد عموم الصوان الخلقي بل نوع منه ، وهو ما بقاؤه فيه من مصالحه وحينئذ فكان الأولى حذف قوله ومن شأنه ؛ لأنه يوهم أنه يكتفى برؤية الصوان الذي ليس البقاء فيه من المصالح ؛ لأن من شأنه أن البقاء فيه من المصالح ثم إن هذا الجواب لا يدفع ما ورد على العكس . ا هـ . رشيدي أقول وما الموصولة في قوله ما هو الغالب واقعة على مطلق الصوان خلقيا أولا وحينئذ فالدفع ظاهر ( قوله : ورجح غيره عدمه ) ، وهو المعتمد . ا هـ . ع ش عبارة المغني والظاهر كما قاله ابن شهبة عدم الإلحاق . ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله : عدمه ) أي عدم الإلحاق فيشترط لصحة البيع رؤية باطنه ويكفي فيها البعض ا هـ ع ش ( قوله : لأن القطن إلخ ) ولا يصح بيع اللب من نحو الجوز وحده في قشره ؛ لأن تسليمه لا يمكن إلا بكسر القشر فيؤدي لنقص غير المبيع نهاية ومغني أي ولأن المبيع حينئذ غير مرئي أصلا . ا هـ . رشيدي ، وقال ع ش قوله : م ر لنقص غير المبيع هو القشر وذلك ؛ لأن القشر واللب فيه يرغب حفظا للب فتزيد قيمته وبعد الكسر إنما يراد لمجرد الوقود ، وقيمته بهذا الاعتبار تافهة . ا هـ .




                                                                                                                              الخدمات العلمية