الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                              ( ومتى حرم النظر حرم المس ) بلا حائل وكذا معه إن خاف فتنة بل ، وإن أمنها على ما مر بل المس أولى بالحرمة ؛ لأنه أبلغ في إثارة الشهوة إذ لو أنزل به أفطر ، أو بالنظر فلا ويحرم مس شيء من الأمرد على ما مر ومن عورة المماثل ، أو المحرم وقد يحرم النظر دون المس كأن أمكن طبيبا معرفة العلة بالمس فقط وكعضو أجنبية مبان يحرم نظره فقط ودبر الحليلة يحرم نظره أي على ضعيف والأصح حرمتهما في الأول وجوازهما في الثاني وما أفهمه المتن أنه حيث حل النظر حل المس أغلبي أيضا فلا يحل لرجل مس وجه أجنبية ، وإن حل نظره لنحو خطبة أو شهادة ، أو تعليم ولا لسيدة مس شيء من بدن عبدها وعكسه ، وإن حل النظر وكذا الممسوح كما مر وما قيل وكذا مميز غير مراهق لا يحل مسه ، وإن حل النظر مردود وما حل نظره من المحرم قد لا يحل مسه كبطنها ورجلها وتقبيلها بلا حائل لغير حاجة ولا شفقة بل وكيدها على ما اقتضته عبارة الروضة لكن قال الإسنوي أنه خلاف إجماع الأمة وسببه أن الرافعي عبر بسلب العموم المشترط فيه تقدم النفي على كل ، وهو ولا مس كل ما يحل نظره من المحارم أي بل بعضه كقولك لا يحل لفلان تزوج كل امرأة فعبر المصنف بعموم السلب المشترط فيه تقدم الإثبات على كل فقال يحرم مس كل ما حل نظره من المحرم [ ص: 202 ] كل ما لا يحرم نظره منه حتى يطابق ما ذكره أعني الإسنوي أولا من شرط سلب العموم فقوله المشترط فيه إلى آخره يتعين تأويله بأن المراد بتقدم الإثبات على كل تأخر النفي عنها على أنه يأتي في الإيلاء لذلك تحقيق تتعين مراجعته وفي شرح مسلم يحل مس رأس المحرم وغيره مما ليس بعورة إجماعا أي حيث لا شهوة ولا خوف فتنة بوجه سواء أمس لحاجة أم شفقة وعبر أصله وغيره بحيث بدل متى واستحسنه السبكي ؛ لأن حيث اسم مكان أو القصد أن كل مكان حرم نظره حرم مسه ومتى اسم زمان وليس مقصودا هنا ورد بمنع عدم قصده بل قد يقصد إذ الأجنبية يحرم مسها وبعد نكاحها يحل وبعد طلاقها يحرم والطفلة تحل ثم تحرم وقبل زمن نحو معاملة يحرم ومعه يحل

                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                              حاشية ابن قاسم

                                                                                                                              ( قوله : وإن أمنها على ما مر ) أي في شرح ويحل نظر رجل إلى رجل إلا ما بين سرته وركبته ( قوله : ويحرم مس شيء من الأمرد على ما مر ) أي في شرح قلت وكذا بغيرها في الأصح المنصوص ( قوله والأصح حرمتهما ) أي النظر والمس في الأول أي عضو الأجنبية ( قوله : أو تعليم ) أي على القول به ( قوله : وكذا مميز غير مراهق ) قضية كونه كالمحرم أن يأتي في مسه تفصيل مس المحرم وفي شرح الإرشاد له وقضية كلامه حل المس من كبيرة لصغير أي من لم يبلغ حدا يشتهى عرفا وعكسه ، وهو محتمل ويحتمل حرمته ؛ لأنه أبلغ فلا يلزم من حل النظر حله ؛ ولأن الاحتراز عن النظر مع الصغر يشق بخلاف المس انتهى وفيه أيضا بعد ذلك أما غير المراهق فإن كان مميزا فكالمحرم ، وإن كان غير مميز فإن لم يحك ما رآه فحضوره كغيبته ويجوز التكشف له انتهى فليتأمل هذا مع أول الحاشية ( قوله : مردود ) كذا م ر ( قوله المشترط فيه تقدم الإثبات إلخ ) أي غالبا وإلا فقد يتحقق مع عدم تقدم الإثبات بل مع تقدم النفي كما أوضحه السعد في المطول كما في { والله لا يحب كل مختال فخور } [ ص: 202 ] وغيره ( قوله : أي كل ما لا يحرم نظره إلخ ) كان التأويل بذلك ليظهر السلب الذي ذكر أن المصنف عبر بعمومه ؛ لأن العبارة في الظاهر لا سلب فيها فضلا عن عمومه ( قوله : حتى يطابق ما ذكره ) كان المراد بهذا الكلام أن ما ذكره أولا من أن شرط سلب العموم تقدم النفي على كل يقتضي أن يكون شرط عموم السلب تأخر النفي عن كل والعبارة المنقولة عن المصنف ليس فيها نفي فضلا عن تأخره عن كل فأول بالنفي ليظهر فيها ذلك ( قوله : وفي شرح مسلم يحل مس رأس المحرم وغيره مما ليس بعورة إلخ ) عبارة شرح الإرشاد نعم يحرم مس ساق ، أو بطن محرمه كأمه وتقبيلها وعكسه بلا حاجة ولا شفقة وإلا جاز وعليه يحمل قول شرح مسلم يجوز بالإجماع مس المحارم في الرأس وغيره مما ليس بعورة إلخ انتهى وحيث جاز تقبيل المحرم هل يشمل تقبيل الفم .

                                                                                                                              ( قوله وليس مقصودا هنا ورد إلخ ) أقول لا يخفى أن المصنف ذكر أولا حكم نظر الأجنبية باعتبار كونها أجنبية ولم يتعرض لانتقالها من صفة الأجنبية إلى غيرها وحكم نظر الصغيرة باعتبار كونها صغيرة ولم يتعرض لانتقالها من صفة الصغر إلى غيرها وهكذا فحيث ذكر بعد ذلك حكم المس ، وأنه تابع للنظر في الحكم لا يفهم من ذلك إلا أن المقصود بيان حكم مس من بين حكم نظره لا بيان حكم الأجنبية بعد زوال كونها أجنبية والصغيرة بعد زوال صغرها فقول السبكي وليس مقصودا هنا كلام صحيح عند التأمل الصحيح وقول الراد بل قد يقصد إن أراد في نفسه فمسلم ولا يرد أو هنا فهو ممنوع فهذا الرد غير ملاق للمردود تأمل



                                                                                                                              حاشية الشرواني

                                                                                                                              ( قوله : وإن أمنها على ما مر ) أي في شرح ويحل نظر رجل إلى رجل إلا إلخ ا هـ سم ( قوله : ؛ لأنه أبلغ ) إلى قوله وما أفهمه في المغني وإلى المتن في النهاية إلا قوله أي كل ما إلى وفي شرح مسلم ( قوله : من الأمرد ) أي الأجنبي ( قوله : على ما مر ) أي في شرح قلت وكذا بغيرها في الأصح المنصوص ا هـ سم ( قوله : وقد يحرم إلخ ) معتمد ا هـ ع ش .

                                                                                                                              ( قوله يحرم نظره ) أي فقط ( قوله : حرمتهما ) أي النظر والمس وكذا ضمير جوازهما وقوله في الأول أي في عضو الأجنبية المبان وقوله في الثاني أي دبر الزوجة والأمة ( قوله : أيضا ) أي كمنطوقه ( قوله : فلا يحل إلخ ) الفاء للتعليل ( قوله : مس وجه أجنبية ) أي بلا حائل أخذا مما ذكره في شرح ويحل نظر رجل إلى رجل لكن قدمنا هناك عن الرشيدي الميل إلى الإطلاق ، وهو الظاهر ثم رأيت في فتح المعين ما نصه وحيث حرم نظره حرم مسه بلا حائل نعم يحرم مس وجه الأجنبية مطلقا ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله : وإن حل نظره ) أي وأمن الفتنة والشهوة ( قوله : أو تعليم ) أي على القول به ا هـ سم ( قوله : مردود ) أي فيحل نظره ومسه لكن قال سم قضية كونه كالمحرم أن يأتي في مسه تفصيل مس المحرم إلى آخر ما ذكره فليراجع ا هـ ع ش ( قوله : وما حل نظره إلخ ) عطف على قوله لا يحل لرجل إلخ عبارة المغني ومن الثاني أي مما استثني من المفهوم المحرم فإنه يحرم مس بطن الأم وظهرها وغمز ساقها ورجلها كما في الروضة لكنه مخالف لما في شرح مسلم للمصنف من الإجماع على جواز مس المحارم وجمع بينهما بحمل الأول على مس الشهوة والثاني على مس الحاجة والشفقة ، وهو جمع حسن ا هـ وسيأتي عن شرح الإرشاد مثله ( قوله : من المحرم ) وكذا من غيرها على ما مر في قوله وأفهم تخصيصه الحل إلخ ا هـ ع ش ( قوله : وتقبيلها إلخ ) لا يخفى ما في عطفه على بطنها الواقع مثالا لما حل نظره إلخ ( قوله : بلا حائل إلخ ) راجع لقوله قد لا يحل مسه ( قوله لغير حاجة ) ومن الحاجة جرت به العادة من حك رجلي المحرم ونحوه كغسلهما وتكبيس ظهره ا هـ ع ش ( قوله : لكن قال الإسنوي إلخ ) ضعيف ا هـ ع ش ( قوله : أنه ) أي ما اقتضاه عبارة الروضة ( قوله وسببه ) أي مقتضى عبارة الروضة ا هـ ع ش ( قوله : أن الرافعي عبر ) أي في أصل الروضة ( قوله : وهو ) أي تعبير الرافعي ( قوله ولا مس إلخ ) أي ولا يحل مس إلخ ا هـ ع ش ( قوله : فعبر المصنف ) أي في الروضة .

                                                                                                                              ( قوله المشترط فيه تقدم الإثبات إلخ ) أي غالبا وإلا فقد يتحقق مع عدم تقدم الإثبات بل مع تقدم النفي كما أوضحه السعد في المطول كما في { والله لا يحب كل مختال فخور } وغيره ا هـ سم ( قوله أي كل ما لا يحرم نظره إلخ ) كان التأويل بذلك ليظهر السلب الذي ذكر أن المصنف عبر بعمومه ؛ لأن العبادة في الظاهر لا سلب فيها فضلا عن عمومه ا هـ سم وفيه أن التأويل المذكور لا يفيد السلب المطلوب هنا وإنما يفيده أن يقول مثلا أي كل ما حل نظره من المحرم لا يحل مسه كما يظهر بمراجعة علم المعاني ( قوله : حتى يطابق ما ذكره إلخ ) كان المراد بهذا الكلام أن ما ذكره أولا من أن شرط سلب العموم تقدم النفي على كل يقتضي أن يكون شرط عموم السلب تأخر النفي عن كل والعبارة المنقولة عن المصنف ليس فيها نفي فضلا عن تأخره عن كل فتؤول بالنفي ليظهر فيها ذلك ا هـ سم وقد مر ما في ذلك التأويل فتنبه ( قوله : يحل مس رأس المحرم إلخ ) أي بحائل وبدونه ا هـ ع ش ( قوله : وغيره ) أي غير الرأس ( قوله : مما ليس بعورة ) عبارة شرح الإرشاد يحرم مس ساق ، أو بطن محرمه كأمه وتقبيلها وعكسه بلا حاجة ولا شفقة وإلا جاز وعليه يحمل قول شرح مسلم يجوز بالإجماع مس المحارم في الرأس وغيره مما ليس بعورة ا هـ وحيث جاز تقبيل المحرم هل يشمل تقبيل الفم ا هـ سم أقول قضيته إطلاقهم الشمول ( قوله : سواء أمس لحاجة أم شفقة ) يقتضي ذلك عدم جوازه عند عدم القصد مع انتفائهما ويحتمل جوازه حينئذ ؛ لأنه صلى الله عليه وسلم قبل فاطمة وقبل الصديق الصديقة ا هـ نهاية قال ع ش قوله : ويحتمل جوازه أي ومع ذلك فالمعتمد ما قدمه من الحرمة عند انتفاء الحاجة والشفقة وما وقع منه صلى الله عليه وسلم ومن الصديق محمول على الشفقة ا هـ ويظهر رجحان ما جرى عليه المغني من الجواز عبارته والذي ينبغي عدم الحرمة عند عدم القصد وقد قبل صلى الله عليه وسلم فاطمة وقبل الصديق الصديقة ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله وليس ) أي الزمان .

                                                                                                                              ( قوله : بمنع عدم قصده ) إن أراد مطلقا فلا يلاقي السؤال ، وإن أراد هنا فالمقام شاهد صدق على عدم قصد الزمن هنا وعبر أصله إلى المتن في المغني ( قوله : يحرم ) أي النظر ا هـ ع ش




                                                                                                                              الخدمات العلمية